المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3910 [ 1983 ] وعن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي والمعصفر، وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع.

وفي رواية: والسجود.

وزاد في رواية: وعن جلوس على المياثر.

فأما القسي: فثياب مضلعة يؤتى بها من مصر والشام، فيها شبه كذا، والمياثر: فشيء كانت تجعله النساء لبعولتهن على الرحل كالقطائف الأرجوان.


رواه أحمد (1 \ 126) ومسلم (2078) (29 و 31 و 64) وأبو داود (4044) والترمذي (1725).
[ ص: 399 ] (5) ومن باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

قوله: ( رأى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبين معصفرين ) المعصفر: المصبوغ بالعصفر. وهو صبغ أحمر.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن هذين من ثياب الكفار فلا تلبسهما ) يدل على أن علة النهي عن لباسهما التشبه بالكفار.

وقوله في الرواية الأخرى: ( أأمك أمرتك بهذا ؟) يشعر بأنه إنما كرهها [ ص: 400 ] لأنها من لباس النساء. وظاهرهما: أنهما علتان في المنع. ويحتمل أن تكون العلة مجموعهما.

وقد اختلف العلماء في جواز لبس المعصفر. فروي كراهته عن ابن عمر . وأجازه جماعة من الصحابة، والتابعين، والفقهاء. وهو قول مالك ، والشافعي . وكره ما اشتدت حمرته: عطاء وطاوس ، وأباحا ما خف منها، وفرق بعضهم بين أن يمتهن، فيجوز أو يلبس، فيكره، وهو قول ابن عباس ، والطبري . وكره بعض أهل العلم جميع ألوان الحمرة. وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لبس حلة حمراء ، وقد لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صبغ بالصفرة على ما جاء عن ابن عمر ، فلا وجه لكراهة الحمرة مطلقا، وإنما المكروه المعصفر للرجال، والمزعفر; لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك للرجال، وكره المعصفر بعض أهل العلم مطلقا، وأجازه مالك تمسكا بحديث ابن عمر المتقدم. وقد حمل بعضهم النهي على المحرم.

قلت: وهذا فيه بعد; لأن النساء والرجال ممنوعون من التطيب في الإحرام، فلا معنى لتخصيصه بالرجال، وإنما علة الكراهة في ذلك: أنه صبغ النساء، وطيب النساء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: طيب الرجال: ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء: ما ظهر لونه، وخفي ريحه. والله تعالى أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( بل أحرقهما ) مبالغة في الردع، والزجر، ومن باب جواز العقوبة في الأموال، ولم يسمع بأحد قال بذلك. والله تعالى أعلم. وقد تقدم الكلام في باقي الحديث.

التالي السابق


الخدمات العلمية