المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3885 [ 1989 ] وعن جابر بن عبد الله قال: لما تزوجت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتخذتم أنماطا؟ قلت: وأنى لنا أنماط؟ قال: أما إنها ستكون.

قال جابر: وعند امرأتي نمط، وأنا أقول: نحيه عني، فتقول: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها ستكون.


رواه أحمد (3 \ 294) والبخاري (3631) ومسلم (2083) وأبو داود (4145) والترمذي (2774).
و( الأنماط ) جمع نمط. قال الخليل : هو ظهارة الفراش. وقال ابن دريد : هو ما يستر به الهودج. وهو في حديث عائشة : ثوب سترت به سهوتها، وهو القرام أيضا، كما جاء في حديث عائشة ، وقد يكون من حرير وغيره. وقد يسمى نمرقة في بعض طرق حديث عائشة . وقد عبر عنه بالستر في حديثها. وهذا كله يدل على أنها أسماء لمسمى واحد، وسيأتي حديث عائشة بعد هذا، إن شاء الله تعالى.

وقول جابر: ( أنى لنا أنماط ؟) استبعاد لذلك. معناه: من أين يكون لنا أنماط؟!

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( أما إنها ستكون ) دلالة من دلائل صدقه، فإنها إخبار عن غيب، وجدت كما أخبر عنه.

وقول جابر لامرأته: ( نحي نمطك عني ) فإنما كان ذلك كراهة له; مخافة الترفه في الدنيا والميل إليها، لا لأنه حرير; إذ [ ص: 404 ] ليس في الحديث ما يدل عليه. واستدلالها عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( أما إنها ستكون ) هو استدلال بتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - على اتخاذ الأنماط; لأنه لما أخبر: بأنها ستكون، ولم ينه عن اتخاذها; دل ذلك على جواز الاتخاذ.

التالي السابق


الخدمات العلمية