المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
353 (5) باب

توعد من لم يسبغ ، وغسله ما ترك ، وإعادته الصلاة

[ 180 ] عن سالم مولى شداد ; قال : دخلت على عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم توفي سعد بن أبي وقاص . فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها . فقالت : يا عبد الرحمن! أسبغ الوضوء . فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ويل للأعقاب من النار .

رواه أحمد ( 6 \ 81 و 84 و 99 و 192 ) ، ومسلم ( 240 ) .


(5) ومن باب توعد من لم يسبغ

(قوله : " ويل للأعقاب من النار ") ويل : كلمة عذاب وقبوح وهلاك ، مثل : ويح ، وعن أبي سعيد الخدري وعطاء بن يسار : هو واد في جهنم ، لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره . وقال ابن مسعود : صديد أهل النار ، ويقال : ويل لزيد ، [ ص: 496 ] وويلا له بالرفع على الابتداء ، والنصب على إضمار الفعل ، فإن أضفته لم يكن إلا النصب ; لأنك لو رفعته لم يكن له خبر .

والأعقاب : جمع عقب ، وعقب كل شيء : آخره ، والعراقيب : جمع عرقوب ، وهو العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان ، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها ، قال الأصمعي : وكل ذي أربع فعرقوباه في رجليه ، وركبتاه في يديه . ومعنى ذلك : أن الأعقاب والعراقيب تعذب إن لم تعمم بالغسل .

وهذه الأحاديث كلها تدل على أن فرض الرجلين الغسل ، لا المسح ، وهو مذهب جمهور السلف وأئمة الفتوى ، وقد حكي عن ابن عباس وأنس وعكرمة : أن فرضهما المسح إن صح ذلك عنهما ، وهو مذهب الشيعة .

وذهب ابن جرير الطبري : إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح ، وسبب الخلاف اختلاف القراء ، في قوله تعالى : وأرجلكم [ المائدة : 6 ] بالخفض والنصب ، وقد أكثر الناس في تأويل هاتين القراءتين . والذي ينبغي أن يقال : إن قراءة الخفض عطف على الرأس فهما يمسحان . لكن إذا كان عليهما خفان ، وتلقينا هذا القيد من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفان . والمتواتر عنه غسلهما ، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله الحال الذي تغسل فيه الرجل ، والحال الذي تمسح فيه ، فليكتف بهذا فإنه بالغ ، وقد طولنا النفس في هذه المسألة في كتابنا في " شرح التلقين " أعان الله على تمامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية