المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3950 [ 2026 ] وعنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجرس مزامير الشيطان.

رواه أحمد (2 \ 372) ومسلم (2114) وأبو داود (2556).
[ ص: 434 ] (18) ومن باب الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

قوله: ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) يفهم من هذا الحديث، ومما تقدم: أن مقصود الشرع مباعدة الكلاب، وألا تتخذ في حضر ولا سفر، وذلك للعلل التي تقدم ذكرها، وهو حجة لمن منع اتخاذ الكلب لحراسة الدواب والأمتعة من السراق في الأسفار ، وهو قول أصحاب مالك ، وأجاز هشام بن عروة اتخاذها لحراسة البقر من السليلة.

قلت: والظاهر أن المراد بالكلب هنا غير المأذون في اتخاذه كما تقدم; لأن المسافر قد يحتاج إلى حفظ ماشية دوابه وإبله، وغير ذلك، فيضطر إلى اتخاذها كما يضطر إليها في الحضر لزرعه وضرعه.

و( الجرس ): ما يعلق في أعناق الإبل مما له صلصلة، والذي يضرب به، وهو بفتح الراء، وجمعه: أجراس. فأما: الجرس فهو الصوت الخفي. يقال بفتح الجيم وكسرها.

وفيه ما يدل على كراهة اتخاذ الأجراس في الأسفار، وهو قول مالك وغيره.

[ ص: 435 ] قلت: وينبغي ألا تقصر الكراهة على الأسفار، بل هي مكروهة في الحضر أيضا، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( الجرس مزامير الشيطان ) ومزامير الشيطان مكروهة سفرا وحضرا، ثم: هذا يعم الكبير والصغير منها. وقد فرق بعض الشاميين، فأجازوا الصغير، ومنعوا الكبير. ووجه الفرق: أن الكبير به يقع التشويش على الناس، وبه تحصل المشابهة بالنصارى ، فإنهم يستعملون النواقيس في سفرهم وحضرهم.

[و(قوله: تماثيل أو صور ) ] يحتمل أن يكون هذا شكا من بعض الرواة، ويحتمل أن يريد بالتماثيل: ما كان قائم الشخص، وبالصور: ما كان رقما، ويكون (أو) بمعنى: الواو، أو تكون للتوسيع. والله تعالى أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية