المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4061 (4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

[ 2131 ] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه، ثم قال: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما. فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل أخذت بيده لأصنع نحو ما كان يصنع، فانتزع يده من يدي، ثم قال: اللهم اغفر لي، واجعلني مع الرفيق الأعلى. قالت: فذهبت أنظر، فإذا هو قد قضى!

وفي رواية: كان إذا دعا مريضا يقول: أذهب الباس - وذكره.

وفي أخرى قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي.

وفي أخرى: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث - وفي رواية: ومسح عنه بيده - فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها.

رواه أحمد (6 \ 44) والبخاري (5743) ومسلم (2191 و 2192).
(4) ومن باب ما كان يرقي به النبي - صلى الله عليه وسلم - المريض

قوله " أذهب الباس رب الناس ! " البأس: الضرر. وفيه دليل على جواز السجع في الدعاء والرقى إذا لم يكن مقصودا ولا متكلفا.

وقوله: " شفاء لا يغادر سقما " "شفاء" منصوب على المصدر، وصدره: واشف. والشافي: اسم فاعل من ذلك، والألف واللام فيه بمعنى الذي، وليس [ ص: 578 ] باسم علم لله تعالى إذ لم يكثر ذلك ولم يتكرر على ما قدمناه.

و " لا يغادر " أي: لا يترك. و " السقم ": المرض. و "مسحه - صلى الله عليه وسلم - بيمينه عند الرقي" دليل على جواز ذلك، وحكمته التبرك باليمين وأن ذلك غاية تمكن الراقي، فكأنه مد يده لأخذ المرض وإزالته.

ومن حكمته: إظهار عجز الراقي عن الشفاء، وصحة تفويضه ذلك إلى الله تعالى، ولذلك قال عند ذلك: " لا شفاء إلا شفاؤك ".

و " الرفيق الأعلى " يعني به - والله أعلم - الملأ الكريم من الملائكة والنبيين، وقيل: يعني به الله تعالى - وفيه بعد من جهة اللسان، وسيأتي له مزيد بيان.

و " النفث ": [ ص: 579 ] نفخ يسير مع ريق يسير، وهو أقل من التفل.

و " المعوذات " يعني بها: قل أعوذ برب الفلق و: قل أعوذ برب الناس ونحو قوله تعالى: رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون

التالي السابق


الخدمات العلمية