المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4135 [ 2170 ] وعنها قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا بشيء. قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون أحيانا الشيء يكون حقا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة.

رواه أحمد (6 \ 87) والبخاري (5762) ومسلم (2228) (123).
[ ص: 634 ] وقوله: " تلك الكلمة يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه " أي يرميها في أذنه ويسمعه إياها، وفي الرواية الأخرى " فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة " أي يضعها في أذنه، يقال: قررت الخبر في أذنه أقره قرا. ويصح أن يقال: ألقاها في أذنه بصوت. يقال: قر الطائر صوت.

و " قر الدجاجة " بكسر القاف حكاية صوتها، قال الخطابي : قرت الدجاجة تقر قرا وقريرا - إذا رجعت فيه، قيل: قرقرت قرقرة وقرقريرا، قال الشاعر:


............ وإن قرقرت هاج الهوى قرقريرها

قال: والمعنى أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن فيتسامع بها الشياطين كما تؤذن الدجاجة بصوت صواحباتها فتتجاوب.

قلت: والأشبه بمساق الحديث أن يكون معناه أن الجني يلقي إلى وليه تلك الكلمات بصوت خفي متراجع يزمزمه ويرجعه له كما يلقيه الكهان للناس، فإنهم تسمع لهم زمزمة وإسجاع وترجيع على ما علم من حالهم بالمشاهدة والنقل.

ولم يختلف أحد من رواة مسلم أن الرواية في هذا اللفظ " قر الدجاجة " يعني به الطائر المعروف، واختلف فيه عن البخاري ; فقال بعض رواته "كقر الزجاجة" بالزاي، قال الدارقطني : هو مما صحفوا فيه، والصواب: الدجاجة [ ص: 635 ] - بالدال. وقيل: الصواب الزجاجة; بدليل ما قد رواه البخاري " فيقرها في أذنه كما تقر القارورة" وهي بمعنى الزجاجة; أي: كما يسمع صوت الزجاجة إذا حكت على شيء أو إذا ألقي فيها ماء أو شيء.

التالي السابق


الخدمات العلمية