المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4225 [ 2193 ] وعن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.

وفي رواية: دعا بماء فأتي بقدح رحراح، فجعل القوم يتوضئون فحزرت ما بين الستين إلى الثمانين، قال: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه.

رواه أحمد ( 3 \ 132 )، والبخاري (169)، ومسلم (2279) (5 و 4)، والترمذي (3631)، والنسائي ( 1 \ 60 ).
و (قوله: " أتي بقدح رحراح ") أي: واسع. ويقال: رحرح - بغير ألف -، وإناء أرح، وآنية رحاء، كل ذلك بمعنى الواسع. قال ابن الأنباري : ويكون ذلك قصير الجدار.

و (قوله: " فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه ") هذه المعجزة تكررت من النبي صلى الله عليه وسلم مرات عديدة في مشاهد عظيمة، وجموع كثيرة، بلغتنا بطرق صحيحة من رواية أنس ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر ، وعمران بن حصين ، وغيرهم ممن يحصل بمجموع أخبارهم العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي. وبهذا الطريق حصل لنا العلم بأكثر معجزاته الدالة على صدق رسالاته، كما قد ذكرنا جملة ذلك في كتاب " الإعلام ". وهذه المعجزة أبلغ من معجزة موسى عليه السلام في نبع الماء من الحجر عند ضربه بالعصا، إذ من المألوف نبع الماء من [ ص: 53 ] بعض الحجارة، فأما نبعه من بين عظم ولحم وعصب ودم فشيء لم يسمع بمثله، ولا تحدث به عن غيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية