المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4306 [ 2275 ] وعن عبادة بن الصامت قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي كرب لذلك، وتربد وجهه ونكس رأسه، ونكس أصحابه رؤوسهم، فلما أتلي عنه رفع رأسه.

رواه أحمد ( 5 \ 317 )، ومسلم (2334 و 2335).
و (قوله: " كان إذا أنزل عليه الوحي كرب لذلك ") وجدناه بتقييد من يوثق بتقييده مبنيا لما لم يسم فاعله، أي: أصيب بالكرب، وهو الألم والغم. و " تربد وجهه ": علته ربدة وهي: لون بين السواد والغبرة، ومنه قيل للنعام: ربد، وجمع ربداء، كحمراء وحمر. وتنكيس النبي صلى الله عليه وسلم رأسه لثقل ما يلقى عليه، ولشدة ما يجده من الكرب. وتنكيس أصحابه رؤوسهم عند ذلك استعظام لذلك الأمر، وهيبة له.

[ ص: 174 ] و (قوله: " فلما أتلي عنه رفع رأسه ") اختلف الرواة في هذا الحرف. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قيده شيخنا أبو عبد الله محمد بن عيسى الجياني بضم الهمزة، وتاء باثنتين من فوقها ساكنة، ولام مكسورة، مثل: أعطي، وعند الفارسي مثله، إلا أنه بثاء مثلثة، وعند العذري من طريق شيخه الأسدي : بكسر الثاء المثلثة: أثل مثل: ضرب. وكان عند شيخنا الحافظ أبي علي : " أجلي " بالجيم مثل: أعطي، وعند ابن ماهان : " انجلى " بالنون، وكذا رواه البخاري ، وهاتان الروايتان لهما وجه، أي: انكشف عنه وذهب، وفرج عنه. يقال: انجلى عنه الغم، وأجليته، أي: فرجته فتفرج، وأجلوا عن قتيل، أي: برحوا عنه وتركوه، ورواه البخاري في كتاب الاعتصام: فلما صعد الوحي. وهو صحيح، وفي البخاري في سورة سبحان: فلما نزل الوحي. وكذا في مسلم في حديث سؤال اليهودي، وهذا وهم بين، ورواه ابن أبي خيثمة : فلما أعلى عنه، أي: نحي عنه. كما قال أبو جهل : اعل عني، أي: تنح. نقلته من كتاب " مشارق الأنوار " للقاضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية