المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4404 [ 2302 ] وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون، وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره". قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين".

رواه أحمد ( 3 \ 86 )، والبخاري (23)، ومسلم (2390)، والترمذي (2286).

[ 2303 ] عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينا أنا نائم، إذ رأيت قدحا أتيت به، فيه لبن فشربت منه، حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب". قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "العلم".

رواه أحمد ( 2 \ 83 )، والبخاري (3681)، ومسلم (2391)، والترمذي (2284).
و (قوله: " بينا أنا نائم، والناس يعرضون علي ......... " الحديث. هؤلاء الناس [ ص: 253 ] المعروضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم هم من دون عمر في الفضيلة، فلم يدخل فيهم أبو بكر ، ولو عرض أبو بكر رضي الله عنه عليه في هذه الرواية لكان قميصه أطول، فإن فضله أعظم، ومقامه أكبر على ما تقدم. وتأويل القميص بالدين مأخوذ من قوله تعالى: ولباس التقوى ذلك خير [الأعراف: 26] والعرب تكني عن الفضل والعفاف بالثياب، كما قال شاعرهم:


ثياب بني عوف طهارى نقية .....................

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه: " إن الله سيلبسك قميصا، فإن أرادوك أن تخلعه فلا تخلعه ". فعبر عن الخلافة بالقميص. وهي استعارة حسنة [ ص: 254 ] معروفة. وتأويله صلى الله عليه وسلم اللبن بالعلم تأويل حسن ظاهر المناسبة، وذلك: أن اللبن غذاء مستطاب، به صلاح الأبدان، ونموها من أول فطرتها ونشوئها، خلا عن الأضرار والمفاسد. والعلم كذلك يحصل به صلاح الأديان والأبدان، ومنافع الدنيا والآخرة مع استطابته في نفسه. وقد يدل في التعبير على دوام الحياة، إذ به كانت. وقد يدل على الثواب؛ لأنه مذكور في أنهار الجنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية