المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4531 (61) باب فضائل أنس بن مالك

[ 2389 ] عن أم سليم أنها قالت : يا رسول الله ، خادمك أنس ، ادع الله له ! فقال : اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته .

رواه البخاري (6378) ومسلم (2480) (141)، والترمذي (3829).

[ 2390 ] وعن أنس قال : جاءت بي أمي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزرتني بنصف خمارها وردتني بنصفه ، فقالت : يا رسول الله ، هذا أنيس ابني ، أتيت به يخدمك، فادع الله له ! فقال : اللهم أكثر ماله وولده . قال أنس : فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم .

وفي رواية : فدعا لي ثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة .

رواه أحمد ( 3 \ 194 ) ، ومسلم (2481) (143) و (144).


(61) ومن باب : فضائل أنس بن مالك بن النضر رضي الله عنه

ابن ضمضم بن زيد النجاري ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يكنى أبا حمزة ، يروى عنه أنه قال : كناني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببقلة كنت أجتنيها . وأمه : أم سليم بنت ملحان . كان سن أنس لما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة عشر سنين ، وقيل : ثماني سنين ، وتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنس ابن عشرين سنة ، وشهد بدرا ، وتوفي في قصره بالطف على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين ، وقيل : ثلاث وتسعين ، وقيل : سنة اثنتين وتسعين . قال أبو عمر : وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أعلم أحدا فمن مات بعده ممن رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أبا الطفيل .

واختلف في سن أنس يوم توفي ؛ فقيل : مائة سنة إلا سنة واحدة ، وقيل : إنه ولد له ثمانون ولدا منهم ثمانية وسبعون ذكرا وابنتان ، وتوفي قبله من ولده لصلبه وولد ولده نحو المائة ، وكل ذلك من تعميره وكثرة نسله ببركة دعوة [ ص: 411 ] النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يأتي في الأم ، وجملة ما روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الحديث ألفا حديث ومائتا حديث وستة وثمانون حديثا ، أخرج له في الصحيحين ثلاثمائة حديث وثمانية عشر حديثا .

وفي الصحابة رجل آخر اسمه أنس بن مالك ، ويكنى أبا أمية القشيري ، وقيل : الكعبي ، وكعب أخو قشير ، ولم يسند عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوى قوله : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة " . وقيل : روى ثلاثة أحاديث لم يقع له في الصحيحين شيء .

[ ص: 412 ] و (قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " اللهم أكثر ماله وولده ") يدل على إباحة الاستكثار من المال والولد والعيال ، لكن إذا لم يشغل ذلك عن الله تعالى ولا عن القيام بحقوقه ، لكن لما كانت سلامة الدين مع ذلك بادرة والفتن والآفات غالبة تعين التقلل من ذلك الفرار مما هنالك ، ولولا دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنس رضي الله عنه بالبركة لخيف عليه من الإكثار الهلكة ، ألا ترى أن الله تعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال : أنما أموالكم وأولادكم فتنة [الأنفال: 28] وصدر الكلام بإنما الحاصرة المحققة ، فكأنه قال : لا تكون الأموال والأولاد إلا فتنة ، يعني في الغالب . ثم قال بعد ذلك : يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ووجه عداوتهما أن محبتهما موجبة لانصراف القلوب إليهما والسعي في تحصيل أغراضهما ، واشتغالهما بما غلب عليهما من ذلك عما يجب عليهما من حقوق الله تعالى ، ومع غلبة ذلك تذهب الأديان ويعم الخسران ، فأي عداوة أعظم من عداوة ممن يدمر دينك هذا الدمار ويورثك عقوبة النار؟! ولذلك قال تعالى وهو أصدق القائلين : يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون [المنافقون: 9] وقال أرباب القلوب والفهوم : ما يشغلك من أهل ومال فهو عليك مشؤوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية