المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4580 (73) باب

فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

[ 2425 ] عن أبي أيوب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع، ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم" .

رواه مسلم (2519)، والترمذي (3940).

[ 2426 ] ومن حديث أبي هريرة : "قريش والأنصار". وذكر نحوه، غير أنه لم يذكر بني عبد الله .

رواه البخاري (3504)، ومسلم (2520) ، والترمذي (3945).

[ 2427 ] وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفس محمد بيده ، لغفار وأسلم ومزينة، ومن كان من جهينة - أو قال جهينة - ومن كان من مزينة خير عند الله يوم القيامة من أسد وطيئ وغطفان" .

وفي رواية : "من أسد وغطفان وهوازن وتميم".

رواه البخاري (3523)، ومسلم (2521) (191 و 192).


[ ص: 473 ] (73 و 74 و 75) ومن باب : فضائل مزينة ، وجهينة ، وأشجع وبني عبد الله

هؤلاء القبائل ، وأسلم ، وغفار ، ومن كان نحوهم ، كانوا بالجاهلية خاملين ، لم يكونوا من سادات العرب ، ولا من رؤسائها كما كانت بنو تميم ، وبنو عامر ، [ وبنو أسد ، وغطفان ، ألا ترى قول الأقرع بن حابس للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إنما بايعك سراق الحجيج من أسلم ، وغفار ، ومزينة ] وجهينة ، لكن هؤلاء القبائل سبقوا للإسلام ، وحسن بلاؤهم فيه ، فشرفهم الله تعالى به ، وفضلهم على من ليس بمؤمن من سادات العرب بالإسلام ، وعلى من تأخر إسلامه بالسبق ، كما شرف بلالا ، وعمارا ، وصهيبا ، وسلمان على صناديد قريش ، وعلى أبي سفيان ومعاوية وغيرهم من المؤلفة قلوبهم كما تقدم ، فأعز الله بالإسلام الأذلاء ، وأذل به الأعزاء بحكمته الإلهية ، وقسمته الأزلية قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير [آل عمران: 26]، وعلى هذا فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " مزينة ، وجهينة ، وغفار ، وأشجع ، ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس " جبر لهم من كسرهم ، وتنويه بهم من خمولهم ، وتفخيم لأمر الإسلام وأهله ، وتحقير لأهل الشرك ، ولمن دخل في الإسلام ولم يخلص فيه ، كالأقرع بن حابس ، وغيره ممن كان على مثل حاله ، وهذا التفضيل ، [ ص: 474 ] والتنويه إنما ورد جوابا لمن احتقر هذه القبائل بعد إسلامها ، وتمسك بفخر الجاهلية وطغيانها ، فحيث ورد تفضيل هذه القبائل مطلقا فإنه محمول على أنهم أفضل من هذه القبائل المذكورين معهم ، في محاورة الأقرع ، وهو آخر حديث ذكرناه ، فإنه مفسر لما تقدم ، ومقيد له .

و (قوله : " موالي دون الناس ") يعني : أنا الذي أنصرهم ، وأتولى أمورهم كلها ، فلا ينبغي لهم أن يلجؤوا بشيء من أمورهم إلى أحد غيري من الناس ، وهذا كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الآخر : " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، من ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي " .

و (قوله : " والله ورسوله مولاهم ") كذا الرواية بتوحيد مولاهم ، وهذا نحو [ ص: 475 ] قوله تعالى : والله ورسوله أحق أن يرضوه [التوبة: 6] فوحد الضمير ، لأنه عائد على الله ، ورفع رسوله بالابتداء، وخبره مضمر تقديره : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله كذلك وعلى هذا : فتقدير الحديث : والله مولاهم، ورسوله كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية