المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4596 (79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي"

[ 2437 ] عن أبي موسى قال : صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلنا : لو جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نصلي معه العشاء قال : فجلسنا فخرج علينا فقال : "ما زلتم هاهنا؟" قلنا : يا رسول الله صلينا معك المغرب، ثم قلنا : نجلس حتى نصلي معك العشاء قال : "أحسنتم - أو أصبتم –" قال : فرفع رأسه إلى السماء - وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء - فقال : " النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" .

رواه أحمد ( 2 \ 398 – 399)، ومسلم (2531).


(79 و 80) ومن باب : قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أنا أمنة لأصحابي " وخير القرون

الأمنة : الأمن ، ومنه قوله تعالى : إذ يغشيكم النعاس أمنة منه [الأنفال: 11] أي : أمنا . ويعني بذلك : أن الله تعالى رفع عن أصحابه الفتن ، والمحن ، والعذاب مدة كونه فيهم ، كما قال تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [الأنفال: 33] فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاءت الفتن ، وعظمت المحن ، [ ص: 485 ] وظهر الكفر والنفاق ، وكثر الخلاف والشقاق ، فلولا تدارك الله هذا الدين بثاني اثنين لصار أثرا بعد عين ، وهذا الذي وعدوا به .

و (قوله : " النجوم أمنة للسماء ") أي : ما دامت النجوم فيها لم تتغير بالانشقاق ، ولا بالانفطار ، فإذا انتثرت نجومها ، وكورت شمسها ، جاءها ذلك ، وهو الذي وعدت به .

و (قوله : " وأصحابي أمنة لأمتي ") يعني : أن أصحابه ما داموا موجودين كان الدين قائما ، والحق ظاهرا ، والنصر على الأعداء حاصلا ، ولما ذهب أصحابه غلبت الأهواء ، وأديلت الأعداء ، ولا يزال أمر الدين متناقصا ، وجده ناكصا إلى أن لا يبقى على ظهر الأرض أحد يقول : الله ، الله . وهو الذي وعدت به أمته ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية