المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4600 (80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

[ 2438 ] عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال : قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته، قال إبراهيم : كانوا ينهوننا - ونحن غلمان - عن العهد والشهادات.

وفي أخرى : "ثم يتخلف من بعدهم خلف تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته" .

رواه أحمد ( 1 \ 378 )، والبخاري (6429)، ومسلم (2533) (211 و 212)، والترمذي (3859)، والنسائي في الكبرى (6031)، وابن ماجه (2362).


و (قوله : " خير أمتي قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ") القرن [ ص: 486 ] - بسكون الراء - من الناس : أهل زمان واحد . قال الشاعر :


إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم وخلفت في قرن فأنت غريب

وقيل : مقدار زمانه : ثمانون سنة ، وقيل : ستون ، ويعني : أن هذه القرون الثلاثة : أفضل مما بعدها إلى يوم القيامة ، وهذه القرون في أنفسها متفاضلة ، فأفضلها : الأول ، ثم الذي بعده ، ثم الذي بعده . هذا ظاهر الحديث . فأما أفضلية الصحابة ، وهم القرن الأول على من بعدهم ، فلا تخفى ، وقد بينا إبطال قول من زعم أنه يكون فيمن بعدهم أفضل منهم ، أو مساو لهم في كتاب الطهارة . وأما أفضلية من بعدهم ، بعضهم على بعض ، فبحسب قربهم من القرن الأول ، وبحسب ما ظهر على أيديهم من إعلاء كلمة الدين ، ونشر العلم ، وفتح الأمصار ، وإخماد كلمة الكفر . ولا خفاء : أن الذي كان من ذلك في قرن التابعين كان أكثر وأغلب مما كان في أتباعهم ، وكذلك الأمر في الذين بعدهم ، ثم بعد هذا غلبت الشرور ، وارتكبت الأمور ، وقد دل على صحة هذا قوله في حديث أبي سعيد : " يغزو فئام من الناس ، فيقال : هل فيكم من صحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ فيقال : نعم ، فيفتح لهم . . . " الحديث . والفئام : الجماعة من الناس ، لا واحد له من لفظه ، وهو مهموز ، والعامة تترك همزه .

التالي السابق


الخدمات العلمية