المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4623 [ 2455 ] وعن عبد الله بن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال : " أحي والداك؟" قال : نعم . قال : "ففيهما فجاهد".


و (قوله : جاء رجل يستأذنه في الجهاد . فقال : " ألك أبوان ؟ " قال : نعم ) فيه ما يدل على أن المفتي إذا خاف على السائل الغلط ، أو عدم الفهم تعين عليه الاستفصال ، وعلى أن الفروض والمندوبات مهما اجتمعت قدم الأهم منها ، وأن القائم على الأبوين يكون له أجر مجاهد وزيادة .

و (قوله : " ففيهما فجاهد ") أي : جاهد نفسك في برهما وطاعتهما ، فهو الأولى بك ، لأن الجهاد فرض كفاية ، وبر الوالدين فرض عين ، فلو تعين الجهاد [ ص: 510 ] وكان والداه في كفاية ، ولم يمنعاه ، أو أحدهما من ذلك ، بدأ بالجهاد . فلو لم يكونا في كفاية تعين عليه القيام بهما ، فبدأ به ، فلو كانا في كفاية ومنعاه لم يلتفت إلى منعهما ، لأنهما عاصيان بذلك المنع ، وإنما الطاعة في المعروف ، كما لو منعاه من صلاة الفرض . فأما الحج فله أن يؤخره السنة والسنتين ابتغاء رضاهما ، قاله مالك . هذا وإن قلنا : إنه واجب على الفور مراعاة لقول من يقول : إنه على التراخي . وقد تقدم القول على ذلك في الحج .

التالي السابق


الخدمات العلمية