المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4675 [ 2487 ] وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم" .

رواه مسلم (2578).


و (قوله : " اتقوا الظلم ؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ") ظاهره : أن الظالم يعاقب يوم القيامة ؛ بأن يكون في ظلمات متوالية يوم يكون المؤمنون في نور يسعى بين أيديهم ، وبأيمانهم حين : يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم فيقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا [الحديد: 13] وقيل : إن معنى الظلمات هنا : الشدائد والأهوال التي يكونون فيها ، كما فسر بذلك قوله : قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر [الأنعام: 63] أي : من شدائدهما ، وآفاتهما . والأول أظهر .

[ ص: 557 ] و (قوله : " واتقوا الشح ؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم ") الشح : الحرص على تحصيل ما ليس عندك ، والبخل : الامتناع من إخراج ما حصل عندك . وقيل : إن الشح هو البخل مع حرص . يقال منه : شححت بالكسر يشح ، وشححت - بالفتح - يشح ، - بالضم - ورجل شحيح ، وقوم شحاح وأشحاء .

و (قوله : " حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا محارمهم ") هذا هو الهلاك الذي حمل عليه الشح ، لأنهم لما فعلوا ذلك أتلفوا دنياهم وأخراهم ، وهذا كما قال في الحديث الآخر : " إياكم والشح ، فإنه أهلك من كان قبلكم ، أمرهم بالبخل فبخلوا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا " أي : حملهم على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية