المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4681 (13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

[ 2489 ] عن جابر قال: اقتتل غلامان : غلام من المهاجرين ، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر - أو المهاجرون - : يا للمهاجرين! فنادى الأنصاري : يا للأنصار ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا ؟ ! دعوى أهل الجاهلية؟" قالوا: لا ، يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر ، قال: "فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه ، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره" .

رواه أحمد ( 3 \ 338 )، والبخاري (3518)، ومسلم (2584) (62)، والترمذي (3315)، والنسائي في الكبرى (8863).


(13 و 14 و 15) ومن باب : الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

(قوله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ) في الصحاح : [ ص: 559 ] الكسع : أن تضرب دبر الإنسان بيدك ، أو بصدر قدمك ، يقال : اتبع فلان أدبارهم يكسعهم بالسيف ، مثل : يكسؤهم ، أي : يطردهم ، ومنه قول الشاعر:


كسع الشتاء بسبعة غبر . . . . . . . . . . .

ووردت الخيل يكسع بعضها بعضا .

و (قوله : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ") هذا من الكلام البليغ الوجيز الذي قل من ينسج على منواله ، أو يأتي بمثاله ، وأو فيه للتنويع والتقسيم ، وإنما سمي رد الظالم نصرا ، لأن النصر هو العون . ومنه قالوا : أرض منصورة ، أي : معانة بالمطر ، ومنع الظالم من الظلم عون له على مصلحة نفسه ، وعلى الرجوع إلى الحق ، فكان أولى بأن يسمى نصرا .

ودعوى الجاهلية : تناديهم عند الغضب ، والاستنجاد : يا آل فلان ! يا بني [ ص: 560 ] فلان ! وهي التي عنى بقوله : " دعوها فإنها منتنة " أي : مستخبثة ، قبيحة ، لأنها تثير التعصب على غير الحق ، والتقاتل على الباطل ، ثم إنها تجر إلى النار ، كما قال : " من دعا بدعوى الجاهلية فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار " . وقد أبدل [ ص: 561 ] الله من دعوى الجاهلية دعوى المسلمين ، فينادى : يا للمسلمين ! كما قال صلى الله عليه وسلم : " فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين " . وكما نادى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - حين طعن : يا لله ! يا للمسلمين ! . فإذا دعا بها المسلم وجبت إجابته ، والكشف عن أمره على كل من سمعه ؟ فإن ظهر أنه مظلوم نصر بكل وجه ممكن شرعي؛ لأنه إنما دعا للمسلمين لينصروه على الحق . وإن كان ظالما كف عن الظلم بالملاطفة والرفق ، فإن نفع ذلك ، وإلا أخذ على يده ، وكف عن ظلمه ؛ فإن الناس إذا رأوا الظالم ، فلم يأخذوا على يديه : أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ، ثم يدعونه فلا يستجاب لهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية