المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
433 [ 221 ] وعن أم قيس بنت محصن ; أنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن لها لم يبلغ ، أن يأكل الطعام ، فبال في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فنضحه على ثوبه ، ولم يغسله غسلا .

رواه البخاري ( 5718 ) ، ومسلم ( 287 ) ، وأبو داود ( 374 ) ، والترمذي ( 71 ) ، والنسائي ( 1 \ 157 ) .


(17) ومن باب : نضح بول الرضيع

(قوله : " كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ") " يبرك عليهم " يدعو [ ص: 546 ] لهم بالبركة . " ويحنكهم " يمضغ التمر ، ثم يدلكه بحنك الصبي . وكل ذلك تبرك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .

ويؤخذ منه التبرك بأهل الفضل ، واغتنام أدعيتهم للصبيان عند ولادتهم .

و (قوله : " فأتي بصبي فبال عليه ") تعسف بعضهم وقال : إن الضمير عائد على الصبي نفسه ، وهذا وإن كان هذا اللفظ صالحا له ، غير أن في حديث أم قيس : " فبال في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فبطل ذلك التأويل .

و (قوله : " فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله ") يعني : رشه عليه ، وقد روي : " فصبه عليه ونضحه " ، وكلها بمعنى واحد .

واستدل بهذا الحديث : على طهارة بول الصبي الذي لم يأكل الطعام - الذكر دون الأنثى - : الشافعي ، وأحمد ، والحسن ، وابن وهب . ورواها الوليد بن مسلم عن مالك ، وحكي ذلك عن أبي حنيفة ، وقتادة ، وتمسكوا أيضا بما رواه النسائي عن أبي السمح مرفوعا : " يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام " وهو صحيح .

ومشهور مذهب مالك وأبي حنيفة : القول بنجاسة بول الذكر والأنثى ، وهو قول الكوفيين ، تمسكا بقوله - عليه الصلاة والسلام - : " استنزهوا من البول فإن [ ص: 547 ] عامة عذاب القبر منه " ، وبقوله في حديث القبرين : " كان لا يستتر من البول " ، وهو عموم .

وقد روي عن مالك القول بطهارة بول الذكر والأنثى ، وهو شاذ في النقل والنظر ، وذلك أن مستنده قياس الأنثى على الذكر ، وقد فرق النص الصحيح بينهما ، فالقياس فاسد الوضع .

قال الشيخ - رحمه الله - : والعجب ممن يستدل برش بول الصبي ، أو بالأمر بنضحه على طهارته ، وليس فيه ما يدل على ذلك ! وغاية دلالته على التخفيف في نوع طهارته ; إذ قد رخص في نضحه ورشه ، وعفا عن غسله تخفيفا ، وخص بهذا التخفيف الذكر دون الأنثى ; لملازمتهم حمل الذكران ; لفرط فرحهم بهم ، ومحبتهم لهم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية