المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4973 (18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

[ 2498 ] عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" .

رواه أحمد ( 2 \ 235 )، ومسلم (2588)، والترمذي (2029).

[ 2499 ] وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة" .

وفي رواية : "لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستر يوم القيامة" .

رواه مسلم (2590) (71 و 72).


(18 و 19) ومن باب : الترغيب في العفو والستر والرفق

(قوله : " ما نقصت صدقة من مال ") فيه وجهان :

أحدهما : أنه بقدر ما ينقص منه يزيد الله فيه ، وينميه ويكثره .

الثاني : أنه وإن نقص في نفسه ففي الأجر والثواب ما يجبر ذلك النقص بأضعافه .

و (قوله : " ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ") فيه أيضا وجهان :

[ ص: 575 ] أحدهما : ظاهره ، فإن من عرف بالصفح والعفو ساد وعظم في القلوب .

والثاني : أن يكون أجره وثوابه وجاهه وعزه في الآخرة أكثر .

و (قوله : " وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ") التواضع : الانكسار والتذلل ، ونقيضه التكبر والترفع . والتواضع يقتضي متواضعا له ، فإن كان المتواضع له هو الله تعالى ، أو من أمر الله بالتواضع له كالرسول ، والإمام والحاكم ، والوالد ، والعالم ، فهو التواضع الواجب المحمود ، الذي يرفع الله تعالى به صاحبه في الدنيا والآخرة ، وأما التواضع لسائر الخلق فالأصل فيه أنه محمود ، ومندوب إليه ، ومرغب فيه ، إذا قصد به وجه الله ، ومن كان كذلك رفع الله تعالى قدره في القلوب ، وطيب ذكره في الأفواه ، ورفع درجته في الآخرة .

وأما التواضع لأهل الدنيا ، ولأهل الظلم ، فذلك هو الذل الذي لا عز معه ، والخسة التي لا رفعة معها ، بل يترتب عليها ذل الآخرة . وكل صفقة خاسرة - نعوذ بالله من ذلك - وقد تقدم الكلام على العفو والستر .

التالي السابق


الخدمات العلمية