المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4973 (21) باب

لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة،

وما جاء من أن دعاءه على المسلم

أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

[ 2507 ] عن أبي هريرة قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادع على المشركين، قال: "إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة" .

رواه مسلم (2599).


[ ص: 582 ] (21) ومن باب : لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا ، وإنما بعث رحمة

قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة ") كان هذا منه صلى الله عليه وسلم بعد دعائه على رعل وذكوان وعصية ، الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم ، ويلعنهم في آخر كل صلاة من الصلوات الخمس ، يقنت بذلك ، حتى نزل عليه جبريل فقال : " إن الله تعالى لم يبعثك لعانا ولا سبابا ، وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا " ثم أنزل الله تعالى : ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون [آل عمران : 128] على ما خرجه أبو داود في مراسيله من حديث خالد بن أبي عمران ، وفي الصحيحين ما يؤيد ذلك ويشهد بصحته .

و (قوله : " إنما بعثت رحمة ") هذا كقوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [الأنبياء: 107] أي : بالرسالة العامة ، والإرشاد للهداية ، والاجتهاد في التبليغ ، والمبالغة في النصح ، والحرص على إيمان الجميع ، وبالصبر على جفائهم ، وترك الدعاء عليهم ، إذ لو دعا عليهم لهلكوا . وهذه الرحمة يشترك فيها [ ص: 583 ] المؤمن والكافر ، أما رحمته الخاصة فلمن هداه الله تعالى ، ونور قلبه بالإيمان ، وزين جوارحه بالطاعة ، كما قال تعالى : بالمؤمنين رءوف رحيم [التوبة: 128] فهذا هو المغمور برحمة الله ، المعدود في زمرة الكائنين معه في مستقر كرامته ، جعلنا الله منهم ، ولا حال بيننا وبينهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية