المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4726 (24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

[ 2516 ] عن سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقام إلى الرجل رجل سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا؟ قال: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال له الرجل: أمجنونا تراني؟!.

رواه أحمد ( 6 \ 394 )، والبخاري (3282)، ومسلم (2610) (109 و 110)، وأبو داود (4781).


[ ص: 594 ] (24) ومن باب : ما يقال عند الغضب والنهي عن ضرب الوجه

(قوله صلى الله عليه وسلم للغضبان : " إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ") يدل على أن الشيطان له تأثير في تهييج الغضب وزيادته ، حتى يحمله على البطش بالمغضوب عليه ، أو إتلافه ، أو إتلاف نفسه ، أو شر يفعله يستحق به العقوبة في الدنيا والآخرة ، فإذا تعوذ الغضبان بالله من الشيطان الرجيم ، وصح قصده لذلك ، فقد التجأ إلى الله تعالى وقصده واستجار به ، والله تعالى أكرم من أن يخذل من استجار به ، ولما جهل ذلك الرجل ذلك المعنى ، وظن أن الذي يحتاج إلى التعوذ إنما هو المجنون ، فقال : أمجنونا تراني ؟ منكرا على من نبهه على ما يصلحه ، ورادا لما ينفعه ، وهذا من أقبح الجنون ، والجنون فنون ، وكأن هذا الرجل كان من جفاة الأعراب الذين قلوبهم من الفقه والفهم خراب .

التالي السابق


الخدمات العلمية