المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4734 [ 2521 ] وعن هشام بن حكيم بن حزام : مر على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس .

وفي رواية : وصب على رؤوسهم الزيت . فقال: ما شأنهم؟ قال : يحبسون في الجزية. قال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" .


وفي رواية: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين ، فدخل عليه، فحدثه ، فأمر بهم فخلوا.

رواه أحمد ( 3 \ 403 ) ومسلم (2613) (117 و 118 و 119)، وأبو داود (3045).


والأنباط : جمع نبط ، وهم قوم ينزلون [ ص: 599 ] بالبطائح بين العراقين ، سموا بذلك لأنهم ينبطون الماء ، أي : يحفرون عليه حتى يخرج على وجه الأرض . يقال : نبط الماء ينبط وينبط : إذا نبع ، وأنبط الحفار الماء إذا بلغ إليه ، والاستنباط : استخراج العلوم ، ويقال على النبط : نبيط أيضا ، وكانوا إذ ذاك أهل ذمة ، ولذلك عذبوا بالشمس ، وصب الزيت على رؤوسهم لأجل الجزية ، وكأنهم امتنعوا من الجزية مع التمكن ، فعوقبوا لذلك ، فأما مع تبين عجزهم فلا تحل عقوبتهم بذلك ولا بغيره ، لأن من عجز عن الجزية سقطت عنه .

و (قوله : " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ") يعني : إذا عذبوهم ظالمين ، إما في أصل التعذيب ، فيعذبونهم في موضع لا يجوز فيه التعذيب ، أو بزيادة على المشروع في التعذيب : إما في المقدار ، وإما في الصفة ، كما بيناه في الحدود .

و (قوله : وأميرهم يومئذ عمير بن سعد ) كذا صحت الرواية عند أكثر الشيوخ ، وفي أكثر النسخ ، وهو الصواب ، لأنه عمير بن سعد بن عمر القارئ الأنصاري ، من بني عمرو بن عوف ، يكنى أبوه أبا زيد ، وهو أحد من جمع القرآن ، الذي تقدم ذكره في حديث أنس ، الذي قال فيه أنس : أبو زيد أحد عمومتي ، واختلف في اسم أبي زيد هذا ، فقيل : سعد - كما تقدم - وهو الأعرف ، وقيل : سعيد ، وكان عمر -رضي الله عنه - ولى عميرا حمص ، وكان يقال له : نسيج [ ص: 600 ] وحده ، ووقع في كتاب القاضي أبي علي الصدفي : عمر بن سعيد . قال أهل النقل : وهو وهم ، وأما عمرو بن سعيد ، فمعدود في الصحابة ، وهو عمرو بن سعيد ، ربيب الجلاس ويتيمه . حكاه القاضي أبو الفضل .

التالي السابق


الخدمات العلمية