المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
5310 (35) باب في التثاؤب وكظمه

[ 2550 ] عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " التثاؤب من الشيطان، فإن تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع".

رواه أحمد ( 2 \ 516 )، ومسلم (2994) (56)، والترمذي (370).


و (قوله : " التثاؤب من الشيطان ") التثاؤب : مصدر تثاءب مهموزا ممدودا ، ولا يقال بالواو ، ومضارعه : يتثاءب ، والاسم : الثؤباء ، كل ذلك بالهمز . قال ابن دريد : أصله من : ثاب الرجل ، فهو مثوب : إذا استرخى وكسل ، ونسبته للشيطان ، لأنه يصدر عن تكسيله ، فإنه قل أن يصدر ذلك مع النشاط . وقيل : نسب إليه ؛ لأنه يرتضيه .

وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس أحدكم . . . " الحديث ، كما تقدم . قال : " وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك الشيطان منه " . وهذا يشعر بصحة التأويل الثاني ، فإن ضحك الشيطان منه سخرية به ، لأنه صدر عنه التثاؤب الذي يكون عن الكسل ، وذلك كله يرضيه ، لأنه يجد به طريقا إلى التكسيل عن الخيرات والعبادات ، ولذلك جاء في بعض طرق هذا الحديث : " التثاؤب في الصلاة من الشيطان " ، لأن ذلك يدل [ ص: 626 ] على كسله فيها وعدم نشاطه ، فتثقل عليه ، فيملها ، فيستعجل فيها ، أو يخل بها .

و (قوله : " فليكظم ما استطاع ") هذا خطاب لمن غلبه ذلك ، فإنه يكسره بسد فاه ما أمكن ، أو بوضع يده على فمه . وأما من أحس بمباديه فهو المخاطب في حديث البخاري بقوله : " فليرده " ، ويحتمل أن يكون اللفظان بمعنى واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية