المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4772 (41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

[ 2565 ] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه ، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء . قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه . قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض".

رواه أحمد ( 2 \ 514 )، والبخاري (3209)، ومسلم (2637) (157)، والترمذي (3161).


[ ص: 643 ] (41) ومن باب : إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده

والأرواح أجناد مجندة ، والمرء مع من أحب

قد تقدم أن معنى محبة الله للعبد : إرادة إكرامه وإثابته . ولأعمال العباد : إثابتهم عليها ، وأن محبة الله تعالى منزهة عن أن تكون ميلا للمحبوب ، أو شهوة ؛ إذ كل ذلك من صفاتنا ، وهي دليل حدوثنا ، والله تعالى منزه عن كل ذلك .

وأما محبة الملك فلا بعد في أن تكون على حقيقتها المعقولة في حقوقنا ، ولا إحالة في شيء من ذلك . وإعلام الله تعالى جبريل ، وإعلام جبريل الملائكة بمحبة العبد المذكور تنويه به ، وتشريف له في ذلك الملأ الكريم ، وليحصل من المنزلة المنيفة على الحظ العظيم ، وهذا من نحو قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى حيث قال : " أنا مع عبدي إذا ذكرني ؛ إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " . ويجوز أن يراد بمحبة الملائكة : ثناؤهم عليه واستغفارهم له ، وإكرامهم له عند لقائه إياهم .

[ ص: 644 ] و (قوله : " ثم يوضع له القبول في الأرض ") يعني بالقبول : محبة قلوب أهل الدين والخير له ، والرضا به ، والسرور بلقائه ، واستطابة ذكره في حال غيبته ، كما أجرى الله تعالى عادته بذلك في حق الصالحين من سلف هذه الأمة ومشاهير الأئمة . والقول في البغض على النقيض من القول في الحب .

التالي السابق


الخدمات العلمية