المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4825 (7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

[ 2604 ] عن أنس بن مالك قال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه: " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد".

رواه أحمد ( 3 \ 176 )، والبخاري (80)، ومسلم (2671) (9)، والترمذي (2206)، وابن ماجه (4045).

[ 2605 ] وعن أبي موسى وعبد الله بن مسعود قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج ! والهرج : القتل.

رواه أحمد ( 1 \ 389 )، والبخاري (7062)، ومسلم (2672) (10)، والترمذي (2201).

[ 2606 ] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمن، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج" قالوا: وما الهرج؟ قال: "القتل".

رواه أحمد ( 2 \ 233 )، والبخاري (89)، ومسلم (157) في كتاب العلم (11)، وأبو داود (4255)، وابن ماجه (4052).


(7 و 8 و 9) ومن باب : رفع العلم وظهور الجهل

( قول أنس - رضي الله عنه - : ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحدثكم أحد بعدي ) إنما قال ذلك لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا انقرضوا في ذلك الوقت ، فلم يبق منهم غيره ؛ فإنه من آخرهم موتا ، توفي بالبصرة سنة ثلاث وتسعين ، على ما قاله خليفة بن خياط . وقيل : كان سنه يوم مات مائة سنة [ ص: 705 ] وعشر سنين ، وقيل أقل من ذلك ، والأول أكثر ، وكان ذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك .

و (قوله : " إن من أشراط الساعة ") أي : من علامات قرب يوم القيامة ، وقد تقدم القول في الأشراط ، وأنها منقسمة إلى ما يكون من قبيل المعتاد ، وإلى ما لا يكون كذلك ، بل خارقا للعادة على ما يأتي إن شاء الله تعالى .

و (قوله : " أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل ") وقد بين كيفية رفع العلم وظهور الجهل في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء . . . الحديث " . وهو نص في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور ، بل بموت العلماء وبقاء الجهال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم ، يفتون بالجهل ويعلمونه ، فينتشر الجهل ويظهر ، وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فكان ذلك دليلا من أدلة نبوته ، وخصوصا في هذه الأزمان ؛ إذ قد ولي المدارس والفتيا كثير من الجهال والصبيان وحرمها أهل ذلك الشأن ، غير أنه قد جاء في كتاب الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء ما يدل على أن الذي يرفع هو العمل . قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فشخص ببصره إلى السماء ، ثم [ ص: 706 ] قال : " هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس ، حتى لا يقدروا منه على شيء " . فقال زياد بن لبيد الأنصاري : وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن ؛ فوالله لنقرأنه ، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ، فقال : " ثكلتك أمك يا زياد ، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة . هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى ، فماذا تغني عنهم ؛ " . قال : فلقيت عبادة بن الصامت ، فقلت : ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء ، فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء . قال : صدق أبو الدرداء ، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع : الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجد الجامع فلا ترى فيه رجلا خاشعا .

قال : هذا حديث حسن غريب ، وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي من طرق صحيحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية