المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4878 [ 2633 ] وعن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل .

وفي رواية : وأرذل العمر - وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات .


رواه أحمد (3 \ 113) ، والبخاري (6369) ، ومسلم (2706) (50 و 52) ، والنسائي (8 \ 258) .


و (قوله : " اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ، وعذاب القبر ") الفتنة هنا : هي ضلال أهل النار المفضي بهم إلى عذاب النار . وفتنة القبر : هي الضلال عن صواب إجابة الملكين فيه ، وهما : منكر ونكير - كما تقدم - وعذاب القبر : هو ضرب من لم يوفق للجواب بمطارق الحديد ، وتعذيبه إلى يوم القيامة . وشر فتنة الغنى : هي الحرص على الجمع للمال ، وحبه حتى يكتسبه من غير حله ، وبمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه . وشر فتنة الفقر : يعني به : الفقر المدقع الذي لا يصحبه صبر ولا ورع ، حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الأديان ، ولا بأهل المروءات ، حتى لا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب ، ولا في أي ركاكة تورط ، وقيل : المراد به فقر النفس الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها . وليس في شيء من هذه الأحاديث ما يدل على أن الغنى أفضل من الفقر ، ولا أن الفقر أفضل [ ص: 34 ] من الغنى ; لأن الغنى والفقر المذكورين هنا مذمومان باتفاق العقلاء . وقد تكلمنا على مسألة التفضيل فيما تقدم . والكسل المتعوذ منه هو التثاقل عن الطاعات ، وعن السعي في تحصيل المصالح الدينية والدنيوية . والعجز المتعوذ منه : هو عدم القدرة على تلك الأمور . والهرم المتعوذ منه : هو المعبر عنه في الحديث الآخر : بأرذل العمر ، وهو : ضعف القوى ، واختلال الحواس والعقل الذي يعود الكبير بسببه إلى أسوأ من حال الصغير ، وهو الذي قال الله تعالى فيه : ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون

[ يس : 68 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية