المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
[ 2737 ] وعن أبي برزة الأسلمي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيم أبلاه وعن علمه ما عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟

رواه الترمذي (2417) ، ومن العجيب أن يدخل المؤلف -رحمه الله- هذا الحديث في التلخيص ويشرح مشكله في المفهم ولم يخرجه مسلم .


و (قوله : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ") عبد هنا : يراد به العموم ; لأنه نكرة في سياق النفي ، لكنه مخصص بمن لا حساب عليه ، وهم الزمرة السابقة إلى الجنة أولا الذين يقال للنبي صلى الله عليه وسلم فيهم : " أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن " . وبقوله تعالى : يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن : 41 ] ويؤيد هذا ما قد صح في الحديث : أنه " يخرج من النار عنق فيقول : وكلت بكل جبار " وكأن المراد بهذا الحديث الأكثر من الناس ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 159 ] و (قوله : " عن عمره فيم أفناه ؟ وعن جسده فيم أبلاه ؟ وعن علمه ما عمل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ ") ظاهره : أنه يسأل عن هذه الأربع مجملة كما نطق بها ، وليس كذلك ، بل يسأل عن آحاد كل نوع منها ، فيسأل عن أزمانه من وقت تكليفه زمانا زمانا ، وعما عمل ، عملا عملا ، وعن معلوماته ، وما عمل بها واحدا واحدا ، وهكذا في سائرها تعيينا ، وتعديدا وتفصيلا . والدليل على ذلك قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [ الزلزلة : 7 - 8 ] وقالوا : يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقوله : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين [ الأنبياء : 47 ]

ومثل هذا كثير في الشريعة ، ومن تصفح ذلك حصل على العلم القطعي واليقين الضروري من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية