المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
474 (25) باب

في صفة غسله - عليه الصلاة والسلام - من الجنابة

[ 246 ] عن عائشة ; قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة . يبدأ فيغسل يديه - وفي رواية : كفيه ثلاثا - ، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يأخذ الماء ، فيدخل أصابعه في أصول الشعر ، حتى إذا رأى أن قد استبرأ ، حفن على رأسه ثلاث حفنات ، ثم أفاض على سائر جسده ، ثم غسل رجليه .

رواه أحمد ( 6 \ 237 ) ، والبخاري ( 258 ) ، ومسلم ( 316 ) ، وأبو داود ( 240 - 244 ) ، والترمذي ( 104 ) ، والنسائي ( 1 \ 131 ) .


[ ص: 576 ] (25) ومن باب صفة غسله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة

(قوله : " ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ") قيل : إنما فعل ذلك ليسهل دخول الماء إلى أصول الشعر ، وقيل : ليتأنس بذلك حتى لا يجد بعده من صب الماء الكثير نفرة .

و (قوله : " حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ") استبرأ أي : استقصى وبالغ ، من قولهم : استبرأ الخبر . و " حفن " : أخذ وصب . الحفنات : جمع حفنة ، وهي ملء الكفين من الطعام أو نحوه ، وأصلها من الشيء اليابس كالدقيق والرمل ونحوه . يقال : حفنت له حفنة ; أي : أعطيته قليلا ، قاله في " الصحاح " .

ولا يفهم من هذه الثلاث حفنات أنه غسل رأسه ثلاث مرات ; لأن التكرار في الغسل غير مشروع ; لما في ذلك من المشقة ، وإنما كان ذلك العدد ; لأنه بدأ بجانب رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم على وسط رأسه ، كما جاء في حديث [ ص: 577 ] عائشة الآتي بعد هذا ، وكما وقع في البخاري أيضا من حديثها .

و (قوله : " ثم أفاض الماء على سائر جسده ") استدل به من لم يشترط التدليك ، وهو الشافعي ، ولا حجة له فيه ; لأن " أفاض " إنما معناه : غسل ، كما جاء في حديث ميمونة الآتي بعد هذا .

والغسل : هو صب الماء على المغسول ودلكه ، على ما نقله أصحابنا ، والذي وقفت عليه من نقل بعض اللغويين : أن الغسل إجادة التطهير ، وهو يفيد : أن مجرد الإفاضة والغمس لا يكتفى به في مسمى الغسل ، بل لا بد مع ذلك من مبالغة ، إما بالدلك ، أو بما يتنزل منزلته ، وقد تواردت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يغسل أعضاء وضوئه ، ويدلكها بيديه ، ولا فرق بين الغسل والوضوء في هذا . وقد روي من حديث عائشة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمها كيفية الغسل ، وأمرها أن تدلك " ، وهذا ذكره ابن حزم ، وضعفه ، وسيأتي في حديث أسماء بنت شكل ما يدل على التدليك .

و (قوله هنا : " ثم غسل رجليه ")

التالي السابق


الخدمات العلمية