المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
5133 [ 2796 ] وعن عبد الله بن صفوان ، عن أم المؤمنين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة ، يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ، قال يوسف بن ماهك : وأهل الشام يومئذ يسيرون إلى مكة ، فقال عبد الله بن صفوان : أما والله ما هو بهذا الجيش .

رواه مسلم (2883) (7) .


[ ص: 225 ] (6) ومن باب : ما فتح من ردم يأجوج ومأجوج ويغزو البيت جيش فيخسف بهم

(قوله : وكان ذلك في أيام ابن الزبير ) ذلك إشارة إلى سؤال أم سلمة عن الجيش الذي يخسف به ، وسألها عن ذلك الحارث بن أبي ربيعة ، وعبد الله بن صفوان . هذا ظاهره ، لكن قال أبو الوليد الكناني : هذا لا يصح ; لأن أم سلمة ماتت في أيام معاوية قبل موته بسنة ، ولم تدرك أيام ابن الزبير . قال القاضي : وقد قيل : إنها ماتت أيام يزيد بن معاوية في أولها ، فعلى هذا يستقيم الخبر ، فإن عبد الله نازع يزيد لأول ما بلغته البيعة له عند موت معاوية ، وداجاه شيئا ، فوجه إليه يزيد أخاه عمرو بن الزبير ليجيئه به ، أو يقاتله ، فظفر به عبد الله بن الزبير ، ومات في سجنه وصلبه . ذكر ذلك الطبري وغيره ، وذكر وفاة أم سلمة أيام يزيد : أبو عمر بن عبد البر . قلت : هذا الحديث رواه عن أم سلمة عبد الله بن صفوان من طريق صحيح [ ص: 226 ] في الأصل ، وفيه أيضا عنه أنه رواه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الدارقطني : والحديث عن أم سلمة ، ومحفوظ عن حفصة ، وعلى هذا فتكون كل واحدة منهما حدثت به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا اضطراب .

و (قوله : " يعوذ بالبيت عائذ فيبعث إليه بعث ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ") الذي أثار هذا الحديث في وقت عبد الله بن الزبير : أن عبد الله بن الزبير لجأ إلى البيت عندما طالبه يزيد بن معاوية بأن يبايعه ، ففر من المدينة إلى مكة ، واستجار بالبيت ، ووافقه على رأيه ذلك جماعة على خلاف يزيد ، فجهز يزيد جيشا من أهل الشام إلى مكة ، فحدث الناس أن ذلك الجيش يخسف به ، وذكروا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحينئذ قال لهم عبد الله بن صفوان : أما والله ما هو بهذا الجيش ، كما قد ظهر أن ذلك الجيش لم يخسف به . والبيداء : أرض ملساء لا شيء فيها ، وفي الصحاح : البيداء : المفازة . والجمع : بيد . وهل هي بيداء المدينة أم لا ؟ اختلف في ذلك أبو جعفر وعبد العزيز بن رفيع ، كما ذكر في الأصل . وليؤمن : ليقصدن . والشريد : الطريد عن أهله ، ويعني به هنا المنفرد عن ذلك الجيش الذي يخسف به . ومنعة ، بتحريك النون : جمع مانع ، ككاتب وكتبة ، وبالسكون : مصدر منع . والمستبصر : البصير بالأمور . والمجبور : المكره الذي لا حيلة له في دفع ما يحمل عليه ، وهو من جبرت الرجل على الشيء يفعله ، فهو مجبور ، ثلاثيا ، ويقال : أجبرته ، وهو الأصح والأكثر ، فهو مجبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية