المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
479 (26) باب

قدر الماء الذي يغتسل به ويتوضأ به

واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد ، واغتساله بفضلها

[ 249 ] عن عائشة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من إناء - هو الفرق - من الجنابة . قال سفيان : الفرق ثلاثة آصع .

رواه أحمد ( 6 \ 161 ) ، والبخاري ( 250 ) ، ومسلم ( 319 ) ، وأبو داود ( 238 ) ، والنسائي ( 1 \ 127 ) .


(26) ومن باب قدر الماء

(قوله : " من إناء هو الفرق ") يقال : بفتح الراء وسكونها ، حكاهما ابن دريد ، وتقديره بثلاثة آصع ، وهو قول الجمهور ، وقال أبو الهيثم : هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا ، وقال غيره : هو إناء ضخم من مكاييل العراق ، وقيل : هو مكيال أهل المدينة .

و ( قول سفيان : " ثلاثة آصع " ) يروى هكذا . ويروى : " أصوع " ، وكلاهما صحيح الرواية ، وهو جمع صاع ، ويقال : صواع وصوع ، وهو جمع قلة ، وأصله أصوع ، بواو مضمومة ، كدار وأدور ، غير أن من العرب من يستثقل الضمة هنا على [ ص: 581 ] الواو فيبدلها همزة ، فيقول : أصؤع ، كما يقول أدؤر ، وهو مكيال أهل المدينة المعروف فيهم ، وهو يسع أربعة أمداد ، بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - .

والمكوك ، بفتح الميم وتشديد الكاف ، وهو مكيال ، وهو ثلاث كيلجات ، والكيلجة : منا وسبعة أثمان منا ، والمنا : رطلان ، والرطل : اثنتا عشرة أوقية ، والأوقية : إستار وثلثا إستار ، والإستار : أربعة مثاقيل ونصف ، والمثقال : درهم وثلاثة أسباع درهم ، والدرهم : ستة دوانق ، والدانق : قيراطان ، والقيراط : طسوجان ، والطسوج : حبتان ، والحبة : سدس ثمن درهم ، وهو جزء من ثمانية وأربعين جزءا من درهم . والجمع مكاكيك ، كله من " الصحاح " ، وفي غيرها ، وتجمع أيضا : مكاكي ، وهو مكيال لأهل العراق ، يسع صاعا ونصف صاع بالمدني .

قال الشيخ : والصحيح : أن المكوك في حديث أنس المراد به المد ; بدليل الرواية الأخرى فيه أيضا : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد " .

تنبيه : اعلم أن اختلاف هذه المقادير ، وهذه الأواني ، يدل على أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن يراعي مقدارا مؤقتا ، ولا إناء مخصوصا ، لا في الوضوء ولا في الغسل ، وأن كل ذلك بحسب الإمكان والحاجة ، ألا ترى أنه تارة اغتسل بالفرق أو منه ، وأخرى بالصاع ، وأخرى بثلاثة أمداد .

والحاصل : أن المطلوب إسباغ الوضوء والغسل من غير إسراف في الماء ، وأن ذلك بحسب أحوال المغتسلين . وقد ذهب ابن شعبان : إلى أنه لا يجزئ في ذلك أقل من مد في الوضوء ، وصاع في الغسل . وحديث الثلاثة الأمداد يرد عليه ، والصحيح الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية