المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
481 [ 250 ] وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ; قال : دخلت على عائشة ، أنا وأخوها من الرضاعة . فسألها عن غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة ؟ فدعت بإناء قدر الصاع ، فاغتسلت ، وبيننا وبينها ستر . فأفرغت على رأسها ثلاثا . قال : وكان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة .

رواه أحمد ( 6 \ 72 ) ، والبخاري ( 251 ) ، ومسلم ( 320 ) .


و (قوله : " فاغتسلت وبيننا وبينها ستر ") ظاهر هذا الحديث أنهما أدركا عملها [ ص: 582 ] في رأسها وأعلى جسدها مما يحل لذي المحرم أن يطلع عليه ، من ذوات محارمه ، وأبو سلمة ابن أخيها نسبا ، والآخر أخوها رضاعة ، وتحققا بالسماع كيفية غسل ما لم يشاهداه من سائر الجسد ، ولولا ذلك لاكتفت بتعليمها بالقول ، ولم تحتج إلى ذلك الفعل ، وقد شوهد غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء الثوب ، وطؤطئ عن رأسه حتى ظهر لمن أراد رؤيته .

وإخباره عن كيفية شعور أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على رؤيته شعرها ، وهذا لم يختلف في جوازه لذي المحرم ، إلا ما يحكى عن ابن عباس من كراهة ذلك .

و (قوله : " حتى تكون كالوفرة ") الوفرة : أسبغ من الجمة ، واللمة : ما ألم بالمنكبين ، قاله الأصمعي . وقال غيره : الوفرة : أقلها ، وهي التي لا تجاوز الأذنين ، والجمة أكثر منها ، واللمة : ما طال من الشعر ، وقال أبو حاتم : الوفرة : ما غطى الأذنين . والمعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون والذوائب ، ولعل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلن هذا بعد موته - صلى الله عليه وسلم - تركا للزينة ، وتخفيفا للمؤنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية