المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
5240 (18) باب المبادرة بالعمل الصالح والفتن وفضل العبادة في الهرج

[ 2842 ] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة .

وفي رواية : الدجال والدخان ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها ، وأمر العامة وخويصة أحدكم .

(رواه أحمد (2 \ 324) ، ومسلم (2947) (128 و 129) .


[ ص: 308 ] (18 و 19 و 20) ومن باب : المبادرة بالعمل الصالح الموانع والفتن

(قوله : " بادروا ") أي : سابقوا بالأعمال الصالحة ، واغتنموا التمكن منها قبل أن يحال بينكم وبينها بداهية من هذه الدواهي المذكورة ، فيفوت العمل للمانع ، أو تعدم منفعته لعدم القبول ، وقد تقدم القول على أكثر هذه الست .

و (قوله : " وخاصة أحدكم ") يعني به : الموانع التي تخصه مما يمنعه العمل ، كالمرض والكبر والفقر المنسي ، والغنى المطغي ، والعيال والأولاد ، والهموم ، والأنكاد ، والفتن ، والمحن إلى غير ذلك مما لا يتمكن الإنسان مع شيء منه من عمل صالح ، ولا يسلم له ، وهذا المعنى هو الذي فصله في حديث آخر حيث قال : " اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك " .

[ ص: 309 ] و (قوله : " وأمر العامة ") يعني : الاشتغال بهم فيما لا يتوجه على الإنسان فرضه ; فإنهم يفسدون من يقصد إصلاحهم ، ويهلكون من يريد حياتهم ، لا سيما في مثل هذه الأزمان التي قد مرجت فيها عهودهم وخانت أماناتهم ، وغلبت عليهم الجهالات والأهواء ، وأعانهم الظلمة والسفهاء ، وعلى هذا فعلى العامل بخويصة نفسه ، والإعراض عن أبناء جنسه إلى حلول رمسه ، أعاننا الله على ذلك بفضله وكرمه . وقد جاءت هذه الستة في إحدى الروايتين معطوفة بـ (أو) فيجوز أن تكون للتنويع ، أي : اتقوا أن يصيبكم أحد هذه الأنواع ، ويصح أن تكون بمعنى الواو ، كما جاء في الرواية الأخرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية