المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4984 [ 2862 ] وعن قيس بن عباد قال : قلنا لعمار : أرأيت قتالكم ; أرأيا رأيتموه ؟ فإن الرأي يخطئ ويصيب ! أو عهدا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة . وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أمتي - أو في أمتي - اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط ، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من نار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم .

رواه أحمد (4 \ 320) ، ومسلم (2779) (10) .


و (قول عمار " ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ") تكذيب من عمار للشيعة فيما يدعونه ويكذبون به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى علي - رضي الله عنه - في يوم غدير خم وغيره ، وقد تقدم هذا المعنى . والدبيلة : الداهية . يقال : دبلتهم الدبيلة ; أي : أصابتهم الداهية - حكاها أبو عبيد ، وصيغتها صيغة التصغير يراد به التكثير ، كما يقال :


. . . . . . . . . دويهية تصفر منها الأنامل

[ ص: 334 ] والأظهر أنه اسم سمي به مصغرا ، كما قالوا : كميت . وأراد به هنا الورم المهلك الذي يخرج بين الكتفين ، والظاهر أن المراد بالحديث أن الله تعالى يهلك هؤلاء الثمانية من المنافقين بهذا الداء في الدنيا ، ولذلك قال : " تكفيكهم الدبيلة " ; أي : يميتهم الله بها .

و (قوله " حتى ينجم من صدورهم ") ; أي : تبلغ إلى قلوبهم وتنفذ في صدورهم ، والله أعلم .

وسم الخياط : ثقب الإبرة . والسم : الثقب في كل شيء ، يقال في فتح السين وضمها ، وكذلك السم القاتل ، ويجمعان على سموم وسمام . ومسام الجسد : ثقبه . والجمل : واحد الجمال ، ودخول الجمل في ثقب الإبرة محال ، والمعلق على المحال محال ، فدخول المنافقين الجنة محال ، وهذا من نحو قول العرب :


إذا شاب الغراب رجعت أهـ     ـلي وصار القار كاللبن الحليب


أي : شيب الغراب وبياض القار لا يكونان ، فرجوعه إلى أهله لا يكون .

التالي السابق


الخدمات العلمية