المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
5004 (8) ومن سورة الأنفال وبراءة

[ 2875 ] عن أنس بن مالك قال : قال أبو جهل : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم - فنزلت : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون إلى قوله : ولكن أكثرهم لا يعلمون [ الأنفال : 33 - 34 ]

رواه البخاري (4648) ، ومسلم (2796) .


(8) ومن سورة الأنفال وبراءة

( قول أبي جهل " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) غلب على أبي جهل جهله فساء قوله وفعله ، انظر كيف غلبت عليه جهالته وشقوته فاستجيبت منه دعوته فجدل صريعا وسحب على وجهه إلى جهنم سحبا قصيفا ! حكي أن ابن عباس لقيه رجل من اليهود ، فقال اليهودي : ممن أنت ؟ قال : من قريش . قال : أنت من القوم الذين قالوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ؟ فهلا عليهم أن يقولوا : إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ! إن هؤلاء قوم يجهلون . قال ابن عباس : وأنت يا إسرائيلي من القوم الذين لم تجف أرجلهم من بلل البحر الذي أغرق فيه فرعون وقومه وأنجي موسى وقومه حتى قالوا : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ! فقال لهم موسى : إنكم قوم تجهلون - فأطرق اليهودي مفحما .

[ ص: 348 ] و ( قوله : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [ الأنفال : 33 ] ; أي : إكراما لك واحتراما لوجودك بينهم ، فإنك رحمة عامة للعالمين ونعمة خاصة للمؤمنين ، فلما نقله الله عنهم أوقع عذابه بهم .

و ( قوله : وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ; أي : وما كان الله مهلك جميعهم ومنهم من يستغفره . وقد اختلف في هذا الاستغفار ; فقال ابن عباس : كانوا يقولون في الطواف غفرانك . مجاهد : هو الإسلام . قتادة : لو استغفروا . السدي : في أصلابهم من يستغفره . الضحاك : فيهم من يصلي ولم يهاجر بعد . وأولاها قول ابن عباس ; لأن الاستغفار - وإن وقع من الفجار - يدفع به ضروب من الشرور والأضرار .

و ( قوله : وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام [ الأنفال : 34 ] ; أي : مستحقون العذاب لما ارتكبوا من القبائح والأسباب ، لكن أخره عنهم حلم الحليم ، وإن لكل أجل كتابا .

التالي السابق


الخدمات العلمية