المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4999 [ 2880 ] وعن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات [ إبراهيم : 48 ] فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله ؟ فقال : على الصراط .

رواه مسلم (2791) ، والترمذي (3120) .


[ ص: 352 ] و ( قوله صلى الله عليه وسلم في جواب عائشة رضي الله عنها " على الصراط " ) ظاهره الصراط الذي هو جسر ممدود على متن جهنم ، كما قد قال في الحديث المتقدم " هم في الظلمة دون الجسر " ، أي : على الجسر .

قلت : وهذا كله ممكن ، والقدرة صالحة ، ومن الممكن أن يعدم الله الأرض التي يخرجون منها ، ويوجد أرضا أخرى وهم عليها ولا يشعرون بذلك .

و (قوله : " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ") ; يعني الأرض التي يخرجون منها يقلبها الله تعالى بقدرته كما يقلب أحدنا خبزته ، وهو تمثيل لسرعة الانقلاب وسهولته . ويكفؤها : مهموز ، من كفأت الإناء إذا قلبته ، ووقع في بعض النسخ " يتكفؤها كما يتكفؤ " بزيادة تاء . والمعنى واحد ، وظاهره أن هذه الأرض تقلب فيعاد ما كان أسفلها أعلاها كما يفعل بالخبزة ، وهو تبديل صحيح ; لأن الوجه الذي كان أسفل هو أرض أخرى غير الوجه الذي كان أعلى ، فهو تبديل محقق ، فيجوز أن يكون هذا هو التبديل الذي أراد الله تعالى في الآية المتقدمة ، والله تعالى أعلم - وعلى هذا فيكون قوله " نزلا لأهل الجنة " مفعولا بفعل مضمر تقديره : يعد نزلا لأهل الجنة ، والنزل : هو ما يعد للضيف من طعام وشراب وكرامة ، وهو بضم النون والزاي ، وقد يقال النزل على المنزل [ ص: 353 ] أيضا وعلى الإنزال . والنواجذ يراد بها الضواحك ، وقد تقدم استيعاب الكلام فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية