المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
501 (29) باب

في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

[ 260 ] عن عائشة ; قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : يا رسول الله ! إني امرأة أستحاض فلا أطهر . أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة . فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة . فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي.

رواه أحمد ( 6 \ 82 ) ، والبخاري ( 306 ) ، ومسلم ( 333 و 334 ) ، وأبو داود ( 282 - 298 ) ، والترمذي ( 125 ) ، والنسائي ( 1 \ 183 ) .


(29) ومن باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

(قوله : " إنما ذلك عرق ") دليل لنا على العراقيين في أن الدم السائل من [ ص: 591 ] الجسد لا ينقض الوضوء ، فإنه قال بعد هذا : " فاغسلي عنك الدم وصلي " ، وهذا أصح من رواية من روى : " فتوضئي وصلي " باتفاق أهل الصحيح ، وهو قول عامة الفقهاء . ويعني بقوله : " ذلك عرق " أي : عرق انقطع فسال ، أي : هو دم علة ، ويدل أيضا على أن المستحاضة حكمها حكم الطاهر مطلقا فيما تفعل من العبادات وغيرها ، فيطؤها زوجها ، خلافا لمن منع ذلك ، وهو عائشة وبعض السلف .

و (قوله : " فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ") يدل على أن هذه المرأة مميزة ، فإنه - عليه الصلاة والسلام - أحالها على ما تعرف من تغير الدم ، وقد نص على هذا في هذا الحديث أبو داود ، فقال : " إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي " . وبهذا تمسك مالك في أن المستحاضة إنما تعمل على التمييز ، فإن عدمته صلت أبدا ، ولم تعتبر بعادة ; خلافا للشافعي ، ولا تتحيض في علم الله من كل شهر ، خلافا لأحمد وغيره ، وهو رد على أبي حنيفة حيث لم يعتبر التمييز .

و (قوله في حديث فاطمة : " فإذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلي ") لم يختلف الرواة عن مالك في هذا اللفظ ، وقد فسره سفيان فقال : معناه إذا رأت الدم بعدما تغتسل تغسل الدم فقط ، وقد رواه جماعة وقالوا فيه : " فاغسلي عنك [ ص: 592 ] الدم ثم اغتسلي " ، وهذا رد على من يقول : إن المستحاضة تغتسل لكل صلاة ، وهو قول ابن علية ، وجماعة من السلف ، وعلى من رأى عليها الجمع بين صلاتي النهار بغسل واحد ، وصلاتي الليل بغسل ، وتغتسل للصبح ، وروي هذا عن علي - رضي الله عنه - ، وعلى من رأى عليها الغسل من ظهر إلى ظهر ، وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وغيرهم . وقد روي عن سعيد خلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية