المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
233 (32) ومن سورة المدثر

[ 2925 ] عن سلمة قال : سألت جابر بن عبد الله : أي القرآن أنزل قبل ؟ قال : يا أيها المدثر قلت : أو اقرأ ؟ قال جابر : أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي ، فنوديت ، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ، فلم أر أحدا ، ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء - يعني جبريل عليه السلام - فأخذتني رجفة شديدة فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، فدثروني ، فصبوا علي ماء ، فأنزل الله عز وجل: يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر [ المدثر : 1 - 4 ]

وفي رواية : فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه فرقا ، فرجعت فقلت : زملوني . . . الحديث .

وفي أخرى : فجئثت منه فرقا حتى هويت إلى الأرض .

رواه أحمد (3 \ 306) ، والبخاري (4923) ، ومسلم (161) (255 و 257) ، والترمذي (3325) .


(32) ومن سورة المدثر

قد تقدم القول فيما أنزل من القرآن أولا ، في حديث عائشة - رضي الله عنها - وتبين هناك أن الأخذ بحديثها أولى ; لأنها زادت على جابر بذكر ما سكت عنه من حديث لقاء جبريل النبي في الغار ، وإلقائه إليه : اقرأ باسم ربك [ العلق : 1 ] على ما ذكرته عائشة ، وقد دل على هذا أن حديث جابر قال فيه : " فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء " .

قد تقدم القول على " فجئثت " في الإيمان . والمدثر : المدثر في ثيابه .

[ ص: 423 ] و (قوله : وثيابك فطهر [ المدثر : 4 ] حجة لمن قال بوجوب غسل النجاسة ; إذ الأصل حمل الثياب والطهارة على الحقيقة اللغوية ، ويحتمل أن يكون ذلك كناية عن طهارة القلب عن مذموم الأخلاق ، كما قال الشاعر :


ثياب بني عوف طهارى نقية . . . . . . . . . . . .

[ ص: 424 ] والرجز : الأوثان ، سماها بذلك لاستحقاق عابديها الرجز ، وهو العذاب . كقوله : ولما وقع عليهم الرجز [ الأعراف : 134 ] واهجر : اترك . ولربك فاصبر : أي على ما تلقاه من الأذى والتكذيب عند الإنذار .

التالي السابق


الخدمات العلمية