المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
570 [ 297 ] وعن أنس بن مالك قال : ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه ; فذكروا أن ينوروا نارا أو يضربوا ناقوسا ، فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.

قال ابن علية : فحدثت به أيوب فقال : إلا الإقامة .

رواه البخاري ( 603 )، ومسلم ( 378 ) ( 2 و 3 )، وأبو داود ( 508 )، والترمذي ( 193 )، والنسائي ( 2 \ 3 ) .


وقوله " أمر بلال أن يشفع الأذان " ; أي : يثنيه ، وعلى هذا جمهور أئمة الفتوى ، وقد روي فيه عن بعض السلف خلاف شاذ - في إفراده وتثنيته - يأتي إن شاء الله .

وقوله " ويوتر الإقامة " ; أي : يفردها ، وهو مذهب مالك والشافعي ، لم [ ص: 8 ] يختلفوا إلا في قوله " قد قامت الصلاة " ; فمالك يفردها في المشهور عنه ، وهو عمل أهل المدينة . والشافعي يثنيها ، وهو عمل أهل مكة . وقد روي مثل ذلك عن مالك ، وهو الذي أراد أيوب بقوله " إلا الإقامة " ; أي : إن قوله " قد قامت الصلاة " مثنى ، فاستثناه من كلمات الإقامة . وذهب الكوفيون والثوري إلى أن يشفعوا الإقامة كلها ، وهو قول بعض السلف ، وقد ورد تشفيع الإقامة من حديث أبي محذورة ، والصحيح من حديثه هو الإفراد .

واختلف الفقهاء في حكم الإقامة ; فعند مالك والشافعي وجمهور الفقهاء أنها سنة مؤكدة وأنه لا إعادة على تاركها ، وعند الأوزاعي وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى أنها واجبة وعلى من تركها الإعادة ، وبه قال أهل الظاهر . وروي عندنا أيضا أن من تركها عمدا أعاد الصلاة ، وليس ذلك لوجوبها ; إذ لو كان ذلك لاستوى سهوها وعمدها ، وإنما ذلك للاستخفاف بالسنن .

وذكر مسلم في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان لأبي محذورة التكبير أولا مرتين ، كذا في أكثر الأصول وروايات جماعات الشيوخ ، ووقع في بعض طرق الفارسي التكبير أربع مرات ، ومذهب مالك - رحمه الله - تثنية الأذان كله غير أنه يرجع ، وهو نقل أهل المدينة المتواتر عن أذان بلال وهو آخر أذانه والذي توفي عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومذهب الشافعي الترجيع وهو عمل أهل مكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية