المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
589 [ 307 ] وعن مالك بن الحويرث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده - فعل مثل ذلك.

وفي رواية : حتى يحاذي بهما فروع أذنيه .

رواه أحمد ( 5 \ 53 )، والبخاري ( 737 )، ومسلم ( 391 ) (25 و 26)، وأبو داود ( 745 )، والنسائي ( 2 \ 182) .


وقوله " حتى يحاذي بهما أذنيه " ، وفي أخرى " منكبيه " ، وفي أخرى " فروع أذنيه " ، وفي غير كتاب مسلم " فوق أذنيه مدا مع رأسه " ، وفي أخرى " [ ص: 20 ] إلى صدره " . وبحسب اختلاف هذه الروايات اختلف العلماء في المختار من ذلك ; فذهب عامة أئمة الفتوى إلى اختيار رفعهما حذو منكبيه ، وهو أصح قولي مالك وأشهرهما ، والرواية عنه : إلى صدره . وذهب ابن حبيب إلى رفعهما حذو أذنيه ، وقد جمع بعض المشايخ بين هذه الأحاديث وبين الروايتين عن مالك ، فقال : يكون رسغاه مقابلة أعلى صدره ، وكفاه حذو منكبيه ، وأطراف أصابعه حذو أذنيه. وتبقى رواية " فوق رأسه " لا تدخل في هذا الجمع . وقال بعضهم : هو على التوسعة - وهو الصحيح . وقد ذهب الطحاوي إلى أن اختلاف الأحاديث لاختلاف الأحوال . واختلف أصحابنا في صفة رفعهما ; فقيل : قائمتين كما جاء " يمدهما مدا " ، وهو مذهب العراقيين من أصحابنا . وقيل : منتصبتين ; بطونهما إلى الأرض وظهورهما مما يلي السماء . وذهب بعضهم إلى نصبهما قائمتين ، لكن تكون أطراف الأصابع منحنية قليلا .

وما حكمة ذلك ؟ اختلف فيه ; فقيل فيه أقوال أنسبها مطابقة قوله " الله أكبر " لفعله ، ثم اختلف في وقت رفعهما ; فجاء في بعض الروايات " كان إذا كبر رفع يديه " ، وفي بعضها " إذا افتتح الصلاة " ، " وإذا قام إلى الصلاة " ، وهذا يشعر باستصحابها ومقارنتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية