المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
597 (7) باب

ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

[ 310 ] عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن .

زاد في رواية : فصاعدا .

رواه البخاري ( 756 )، ومسلم ( 394 ) (36)، وأبو داود ( 823 )، والترمذي ( 247 )، والنسائي ( 2 \ 137 - 138 ) .


[ ص: 24 ] (7) ومن باب : القراءة في الصلاة

قوله " لا صلاة " ظاهره نفي الإجزاء في كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن ، وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور ، ورأى أبو حنيفة أنها لا تتعين وأن غيرها من آي القرآن وسوره يجزئ ، فيتعين عليه حمل " لا صلاة " على نفي الكمال أو على الإجمال بينهما ، كما صار القاضي إليه . ومذهب الجمهور هو الصحيح ; لأن نفي الإجزاء هو السابق للفهم ، كما تقول العرب : لا رجل في الدار - فإنه يقتضي هذا نفي أصل الجنس الكامل والناقص ، ولا يصار لنفي الوصف إلا بدليل من خارج .

واختلف العلماء في القراءة في الصلاة ; فذهب جمهورهم إلى وجوب قراءة أم القرآن للإمام والفذ في كل ركعة ، وهو مشهور قول مالك ، وعنه أيضا أنها واجبة في جل الصلاة ، وهو قول إسحاق ، وعنه أنها تجب في ركعة واحدة ، وقاله المغيرة والحسن . وعنه أن القراءة لا تجب في شيء من الصلاة ، وهو أشذ الروايات ، وحكي عنه أنها تجب في نصف الصلاة ، وإليه ذهب الأوزاعي ، [ ص: 25 ] وذهب الأوزاعي أيضا وأبو أيوب وغيرهما إلى أنها تجب على الإمام والفذ والمأموم على كل حال ، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى .

وقوله " فصاعدا " معناه : فزائدا ، ويلزم من ظاهر هذا اللفظ أن تكون الزيادة على أم القرآن - التي هي السورة - واجبة ، ولا قائل أعلمه يقول بوجوب قراءة السورة زيادة على أم القرآن ، وإنما الخلاف في وجوب أم القرآن خاصة . وقد أجمعوا على أن لا صلاة إلا بقراءة في الركعتين الأوليين ، إلا ما قاله الشافعي فيمن نسي القراءة في الصلاة كلها أنها تجزئه لعذر النسيان ، وهذا شاذ ، وقد رجع عنه ، وإلا ما شذ من قول مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية