المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
652 [ 341 ] وعن جابر بن سمرة قال : كنا إذا صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله - وأشار بيده إلى الجانبين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله .

وفي رواية : فقال ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده .

رواه أحمد ( 5 \ 107 )، ومسلم ( 431 )، وأبو داود ( 1000 )، والنسائي ( 552 ) .


وقوله " لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم . . . " الحديث ، وهذا أيضا وعيد بإعماء من رفع رأسه إلى السماء في الصلاة ، ولا فرق بين أن يكون عند الدعاء أو عند غيره ; لأن الوعيد إنما تعلق به من حيث إنه إذا رفع بصره إلى السماء أعرض عن القبلة وخرج عن سمتها وعن هيئة الصلاة ، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على النهي عن ذلك في الصلاة . وحكى الطبري كراهية رفع البصر في الدعاء إلى السماء في غير الصلاة ، وحكي عن شريح أنه قال لمن رآه يفعله : اكفف يديك ، واخفض بصرك ; فإنك لن تراه ولن تناله . وأجازها الأكثر ; لأن السماء قبلة الدعاء ، كما أن الكعبة قبلة الصلاة . وقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهه ويديه إلى السماء عند الدعاء ، فلا ينكر ذلك .

[ ص: 61 ] وقوله حين رآهم يشيرون بأيديهم إذا سلموا من الصلاة " ما لي أراكم . . . " الحديث ، كانوا يشيرون عند السلام من الصلاة بأيديهم يمينا وشمالا ، وتشبيه أيديهم بأذناب الخيل الشمس تشبيه واقع ; فإنها تحرك أذنابها يمينا وشمالا ، فلما رآهم على تلك الحالة أمرهم بالسكون في الصلاة ، وهذا دليل على أبي حنيفة في أن حكم الصلاة باق على المصلي إلى أن يسلم ، ويلزم منه أنه إن أحدث في تلك الحالة - أعني في حالة الجلوس الأخير للسلام - أعاد الصلاة .

[ ص: 62 ] وقوله “ ما لي أراكم عزين " ; جماعات في تفرقة ، والواحدة عزة - مخففة الزاي ، أمرهم بالائتلاف والاجتماع والاصطفاف كصفوف الملائكة ، وهذا يدل على استحباب تسوية الصفوف ، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، وقال : إنه من تمام الصلاة ; كما يأتي إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية