المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
55 (14) باب

الاستقامة في الإسلام ، وأي خصاله خير

[ 32 ] عن سفيان بن عبد الله الثقفي ، قال : قلت : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - وفي رواية : غيرك - قال : قل : آمنت بالله ، ثم استقم .

رواه أحمد ( 3 \ 413 ) و ( 4 \ 385 ) ، ومسلم ( 38 ) .


[ ص: 221 ] (14) ومن باب الاستقامة في الإسلام ، وأي خصاله خير

(قوله : " قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ") أي : علمني قولا جامعا لمعاني الإسلام ، واضحا في نفسه ، بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك ، أعمل عليه ، وأكتفي به ; وهذا نحو مما قاله له الآخر : علمني شيئا أعيش به في الناس ، ولا تكثر علي فأنسى ، فقال : لا تغضب . وهذا الجواب ، وجوابه بقوله : قل : آمنت بالله ، ثم استقم ; دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي جوامع الكلم ، واختصر له القول اختصارا ; كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مخبرا بذلك عن نفسه ; فإنه - عليه الصلاة والسلام - جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين معاني الإسلام والإيمان كلها ; فإنه أمره أن يجدد إيمانه متذكرا بقلبه ، وذاكرا بلسانه .

ويقتضي هذا استحضار تفصيل معاني الإيمان الشرعي بقلبه ، التي تقدم ذكرها في حديث جبريل ، وأمره بالاستقامة على [ ص: 222 ] أعمال الطاعات ، والانتهاء عن جميع المخالفات ; إذ لا تتأتى الاستقامة مع شيء من الاعوجاج ، فإنها ضده .

وكأن هذا القول منتزع من قوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا [ فصلت : 30 ] أي : آمنوا بالله ووحدوه ، ثم استقاموا على ذلك وعلى طاعته إلى أن توفوا عليها ; كما قال عمر بن الخطاب : استقاموا والله على طاعته ، ولم يروغوا روغان الثعالب ، وملخصه : اعتدلوا على طاعة الله تعالى ، عقدا وقولا وفعلا ، وداموا على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية