المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
768 (33) باب

تحريم الصلاة التكبير ، وتحليلها التسليم

[ 394 ] عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة بـ الحمد لله رب العالمين وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ، ولكن بين ذلك . وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما . وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا . وكان يقول في كل ركعتين التحية . وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى . وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع . وكان يختم الصلاة بالتسليم .

وفي رواية : كان ينهى عن عقب الشيطان .

رواه أحمد (6 \ 110)، ومسلم (498)، وأبو داود (783)، وابن ماجه (812) .


(33) ومن باب : تحريم الصلاة التكبير ، وتحليلها التسليم

هذه الترجمة هي نص حديث علي الصحيح الذي خرجه أبو داود ، وحديث عائشة موافق له بالفعل . وفي هذه الترجمة رد على أبي حنيفة حيث لا يشترط في الدخول في الصلاة التكبير . وفيه أيضا رد على الشافعي - رحمه الله - حيث يرى أن [ ص: 99 ] البسملة من الفاتحة ، وأنها لا بد من قراءتها في الصلاة في أول الفاتحة ; لأن عائشة قالت : كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ، وهذا إنما يتضح إذا خفضنا القراءة عطفا على التكبير ، كما اختاره بعض من لقيناه . وقد قيدته بالنصب عطفا على الصلاة عن غيره ، ويكون فيه أيضا حجة على الشافعي ، إلا أن الوجه الأول أوضح ، فتأمله .

وقولها : لم يشخص رأسه ولم يصوبه ; تعني : لم يرفع رأسه بحيث يرى أنه شخص ولم ينزله . وهو من : صاب يصوب ; إذا نزل . وفيه حجة لمالك - رحمه الله - على مختاره من كيفية الجلوس في الصلاة ، وفيه حجة على من لم يوجب الاعتدال في الرفع من السجود ، وفيه دليل على مشروعية التشهدين في الصلاة . وجمهور الفقهاء على أنهما سنتان ، وليستا بواجبتين ، إلا أحمد بن حنبل وطائفة من أصحاب الحديث . وقد روي عن الشافعي : أن التشهد الأخير واجب . وروى أبو مصعب نحو ذلك عن مالك . ومستند الجمهور : كون النبي - صلى الله عليه وسلم - سها عن الجلوس والتشهد ، فاجتزأ عنه بسجود السهو .

وقولها : وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وفي رواية : عن عقب الشيطان . قال الهروي ، عن أبي عبيد : عقب الشيطان : هو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء ، وسيأتي في حديث ابن عباس .

[ ص: 100 ] وروي عن الطبري : عقب بضم العين وفتح القاف ، وهو جمع عقبة ، كغرفة وغرف ، والمحدثون يقولون : عقب بفتح العين ، وكسر القاف .

وقولها : وكان يختم الصلاة بالتسليم : حجة على أبي حنيفة - رحمه الله - والأوزاعي والثوري ; حيث لم يشترطوا في الخروج من الصلاة التسليم ، وحديث جلي في المسألة كما قدمناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية