المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
66 (16) باب

حسن الجوار وإكرام الضيف من الإيمان

[ 37 ] عن أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه .

رواه أحمد ( 2 \ 373 ) ، ومسلم ( 46 ) .


[ ص: 228 ] (16) ومن باب حسن الجوار وإكرام الضيف من الإيمان

(قوله : " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ") الجار هنا : يصلح للمجاور لك في مسكنك ، ويصلح للداخل في جوارك وحرمتك ; إذ كل واحد منهما يجب الوفاء بحقه ، وتحرم أذيته تحريما أشد من تحريم أذى المسلمين مطلقا .

فمن كان مع هذا التأكيد الشديد مضرا لجاره ، كاشفا لعوراته ، حريصا على إنزال البوائق به ; كان ذلك منه دليلا ; إما على فساد اعتقاد ونفاق ، فيكون كافرا ، ولا شك في أنه لا يدخل الجنة .

وإما على استهانة بما عظم الله تعالى من حرمة الجار ، ومن تأكيد عهد الجوار ، فيكون فاسقا فسقا عظيما ، ومرتكب كبيرة ، يخاف عليه من الإصرار عليها أن يختم عليه بالكفر ; فإن المعاصي بريد الكفر ، فيكون من الصنف الأول ، وإن سلم من ذلك ، ومات غير تائب ، فأمره إلى الله تعالى ، فإن عاقبه بدخول النار ، لم يدخل الجنة حين يدخلها من لم يكن كذلك ، أو لا يدخل الجنة المعدة لمن قام بحقوق جاره . وعلى هذا القانون ينبغي أن يحمل ما في هذا الباب مما قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فاعله لا يدخل الجنة ، مما ليس بشرك ; للأدلة المتقدمة ، ولما يأتي في أحاديث الشفاعة .

والبوائق : جمع بائقة ، وهي الداهية التي توبق صاحبها ; أي : تهلكه ، وقد تقدم ذكرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية