المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
837 [ 430 ] وعن عبد الله بن مسعود قال : كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا ، فقلنا : يا رسول الله ! كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا ، قال : إن في الصلاة شغلا .

رواه أحمد (1 \ 376)، والبخاري (1199)، ومسلم (538)، وأبو داود (923 و 924)، والنسائي (3 \ 19) .


وقول عبد الله بن مسعود : كنا نسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا : هذا كان منه - صلى الله عليه وسلم - إذ كان الكلام مباحا في الصلاة في أول الأمر ، كما قال زيد بن أرقم ، ثم لما نسخ ذلك امتنع رد السلام نطقا من المصلي ، وغير ذلك من أنواع الكلام مع الغير . وهذا الحديث حجة على من أجاز للمصلي أن يرد السلام نطقا ، وهم : أبو هريرة وجابر والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة وإسحاق . ثم إذا قلنا : لا يرد نطقا ، فهل يرد إشارة ، أم لا ؟ وبالأول قال مالك وأصحابه ، وهو مذهب ابن عمر وجماعة من العلماء . وبالثاني قال أبو حنيفة ، فمنع الرد إشارة ونطقا ، وبه قال الثوري وعطاء والنخعي . ثم اختلف من لم يرده : هل يرد إذا سلم أم لا ؟ وبالأول قال الثوري وعطاء والنخعي ، وبالثاني قال أبو حنيفة . وقال بعض أهل العلم : يرد المصلي في نفسه . هذا حكمه في الرد . وأما ابتداء السلام على المصلي ، فاختلف فيه العلماء . فعن مالك فيه الجواز ، وقد رويت عنه الكراهة .

وقوله : إن في الصلاة شغلا : اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة ، فكأنه [ ص: 147 ] قال : شغلا كافيا ، أو مانعا من الكلام وغيره . ويفهم منه التفرغ للصلاة من جميع الأشغال ، ومن جميع المشوشات ، والإقبال على الصلاة بظاهره وباطنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية