المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
845 (47) باب

جواز حمل الصغير في الصلاة ، وجواز التقدم والتأخر ، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

[ 435 ] عن أبي قتادة الأنصاري ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص - وهي ابنة زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقه ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع من السجود أعادها .

وفي رواية : بينا نحن في المسجد جلوس خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . ، بنحو ما تقدم .

رواه أحمد (5 \ 295 و 303)، والبخاري (516)، ومسلم (543) (42 و 43)، وأبو داود (917)، والنسائي (3 \ 10) .


[ ص: 152 ] (47) ومن باب : حمل الصغير في الصلاة

اختلف العلماء في تأويل حمل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمامة في الصلاة ، والذي أحوجهم لتأويله : أنه شغل كثير . فروى ابن القاسم عن مالك : أنه كان في النافلة ، وهذا تأويل بعيد ; فإن ظاهر الحديث الذي ذكره أبو داود يدل على أنه في الفريضة ; لقوله : بينما نحن ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر أو العصر ، خرج علينا حاملا أمامة على كتفه ، وذكر الحديث . ومعلوم : أنه كان - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يتنفل في بيته ، ثم يخرج لصلاة الفريضة ، فإذا رآه بلال خارجا أقام الصلاة . وأيضا ففي هذا الحديث قال أبو قتادة : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤم الناس ، وغالب عادته ، أنه إنما كان يؤم الناس في المسجد في الفريضة . وروى عنه أشهب ، وابن نافع : أن هذا للضرورة ، وإذا لم يجد من يكفيه ، وأما لحب الولد فلا . وظاهر هذا إجازته في الفريضة والنافلة . [ ص: 153 ] وروى عنه التنيسي : أن الحديث منسوخ ، قال أبو عمر بن عبد البر : لعل هذا نسخ بتحريم العمل والاشتغال في الصلاة بغيرها . وقال الخطابي : يشبه أن هذا كان منه - صلى الله عليه وسلم - على غير قصد وتعمد ، لكن الصبية تعلقت به لطول إلفها له ، وهذا باطل ; لقوله في الحديث : خرج علينا حاملا أمامة على عاتقه ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رأسه من السجود أعادها . والأشبه : أنه كان لضرورة لم يقدر على أن ينفك عنها ، أو هو منسوخ . والله تعالى أعلم .

وفيه من الفقه : جواز إدخال الصغار المساجد ، إذا علم من عادة الصبي أنه لا يبول ، وأن ثيابه محمولة على الطهارة ، وأن لمس النساء ليس بحدث ، وأن حكم من لا تشتهى من النساء بخلاف حكم من يشتهى منهن . وفيه : تواضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشفقته ، وجواز حمل ما لا يشغل في الصلاة شغلا كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية