المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
855 [ 439 ] وعن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في قبلة المسجد ، فأقبل على الناس ، فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه ، فيتنخع أمامه ؟ أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه ؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره ، تحت قدمه ، فإن لم يجد فليقل هكذا ، ووصف القاسم : فتفل في ثوبه ، ثم مسح بعضه على بعض .

رواه أحمد (2 \ 250)، والبخاري (416)، ومسلم (550)، وأبو داود (477)، والنسائي (1 \ 163)، وابن ماجه (1022) .


[ ص: 157 ] وقوله : رأى نخامة في قبلة المسجد ، النخامة ، والنخاعة : ما يخرج من الصدر ; يقال : تنخم وتنخع بمعنى واحد ، والبصاق بالصاد والزاي : ما يخرج من الفم . والمخاط : ما يخرج من الأنف . ويقال : بصق الرجل يبصق ، وبزق كذلك . وتفل بفتح العين يتفل بكسرها ، وبالتاء باثنتين لا غير . ونفث ينفث . قال ابن مكي في تثقيف اللسان : التفل بفتح الفاء : نفخ لا بصاق معه ، والنفث لا بد أن يكون معه شيء من الريق . قاله أبو عبيد . وقال الثعالبي : المج : الرمي بالريق ، والتفل أقل منه ، والنفث أقل منه .

وقوله : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه ; هذا محمول على تعظيم حرمة هذه الجهة وتشريفها ; كما قال : الحجر الأسود يمين الله في الأرض ; أي : بمنزلة يمين الله . ولما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكليته إلى هذه الجهة ، نزلها في حقه منزلة وجود الله تعالى ، فيكون هذا من باب الاستعارة ، وقد يجوز أن يكون من باب حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، فكأنه قال : مستقبل قبلة ربه ، [ ص: 158 ] أو رحمة ربه ; كما قال في الحديث الآخر : فلا يبصق قبل القبلة ، فإن الرحمة تواجهه .

التالي السابق


الخدمات العلمية