المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
875 [ 453 ] وعن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أكل من هذه البقلة الثوم - وقال مرة - : من أكل البصل والثوم والكراث - فلا يقربن مسجدنا ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم .

وفي رواية ، قال :
من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا ، أو ليعتزل مسجدنا ، وليقعد في بيته . وإنه أتي ببدر فيه خضرات من بقول ، فوجد لها ريحا ، فسأل فأخبر بما فيها من البقول ، فقال : قربوها ، إلى بعض أصحابه ، فلما رآه كره أكلها ، قال : كل ، فإني أناجي من لا تناجي .


رواه أحمد (3 \ 400)، والبخاري (858)، ومسلم (564) (73 و 74)، وأبو داود (3822)، والترمذي (1807)، والنسائي (2 \ 43) .


وقوله : وأنه أتي ببدر فيه خضرات من بقول : وقعت هذه اللفظة ببدر ، بالباء بواحدة من أسفل ، وهو الطبق ، سمي بذلك لاستدارته . وقد وقع لبعض الرواة : بقدر ، بالقاف . واستدل به : على كراهة ما له ريح من البقول وإن طبخ ، وهذا ليس بصحيح . قالوا : وهو تصحيف ، وصوابه : ببدر . وقد ورد في كتاب أبي داود : أتي ببدر . ولو سلم أنه : بقدر ، فيكون معناه : أنها لم تمت بالطبخ تلك الرائحة منها ، فبقي المعنى المكروه ، فكأنها نيئة .

وقوله : فإني أناجي من لا تناجي : يشعر بأن هذا الحكم خاص به ; إذ هو [ ص: 168 ] المخصوص بمناجاة الملك ، ولكن قد علل هذا الحكم في أول الحديث بما يقتضي التسوية بينه وبين غيره في هذا الحكم ; حيث قال : فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، وقوله : ولا تؤذينا بريح الثوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية