المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
880 (51) باب

النهي عن أن تنشد الضالة في المسجد

[ 456 ] عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل : لا ردها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا .

رواه أحمد (2 \ 349)، ومسلم (568)، وأبو داود (473)، والترمذي (1321)، وابن ماجه (767) .


[ ص: 174 ] (51) ومن باب : النهي عن أن تنشد الضالة في المسجد

نشدت الضالة بمعنى : طلبتها . وأنشدتها : عرفتها . قاله يعقوب وغيره ، ومنه قول الشاعر :


إصاخة الناشد للمنشد



والإصاخة : الاستماع .

وقوله : فليقل : لا ردها الله عليك : دعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان ، فهو معاقبة له في ماله على نقيض مقصوده ، فليلحق به ما في معناه ; فمن رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته ، دعي عليه على نقيض مقصوده ذلك ; بسبب جريمة رفع الصوت في المسجد ، وإليه ذهب مالك في جماعة ، حتى كرهوا رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره . وأجاز أبو حنيفة وأصحابه ومحمد بن مسلمة من أصحابنا رفع الصوت فيه في الخصومة والعلم . قالوا : لأنهم لا بد لهم من ذلك ، وهذا مخالف لظاهر الحديث . وقولهم : لا بد لهم من ذلك ممنوع ، بل لهم بد من ذلك بوجهين :

[ ص: 175 ] أحدهما : ملازمة الوقار والحرمة ، وبإخطار ذلك بالبال والتحرز من نقيضه ، ومن خاف ما يقع فيه تحرز منه .

والثاني : أنه إذا لم يتمكن من ذلك فليتخذ لذلك موضعا يخصه ، كما فعل عمر ، وقال : من أراد أن يلغط أو ينشد شعرا فليخرج من المسجد .

التالي السابق


الخدمات العلمية