المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
942 (61) باب

فضل التحميد في الصلاة

[ 486 ] عن أنس ، أن رجلا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس ، فقال : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال : أيكم المتكلم بالكلمات ؟ فأرم القوم ، فقال : أيكم المتكلم بها ؟ فإنه لم يقل بأسا ، فقال رجل : جئت وقد حفزني النفس فقلتها . فقال : لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها .

رواه أحمد (3 \ 106 و 167 و 252)، ومسلم (600)، وأبو داود (763)، والنسائي (2 \ 132) .


(61) ومن باب : فضل التحميد في الصلاة

قوله : " حفزه النفس " ; أي : كده لسرعة سيره ليدرك الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفيه دليل على أن من أسرع عند إقامة الصلاة ليدركها لم يفعل محرما ، لكن الأولى به الرفق والسكينة ، كما يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى .

وقوله : " فأرم القوم " الرواية المشهورة فيه بالراء والميم المشددة ، ومعناه : سكتوا ، مأخوذ من المرمة ، وهي الشفة ; أي : أطبقوا شفاههم . ورواه [ ص: 218 ] بعضهم في غير لام : فأزم ، بزاي مفتوحة ، وميم مخففة ، مأخوذ من الأزم ، وهو شد الأسنان بعضها على بعض ، ومعناه : سكتوا .

وقوله : رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها ، أيهم يرفعها . يبتدرونها : يستبقونها ، ورفعها إلى المحل الذي ترفع إليه الأعمال ، وقد روى البخاري من حديث رفاعة بن رافع قال : كنا نصلي يوما وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده ، قال رجل من ورائه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ؟ قال : أنا ، قال : رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . ومساق هذا الحديث يدل : على أنه حديث آخر غير حديث أنس المتقدم ; فإن ذلك حمد الله على إدراكه الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا حمد الله عند الرفع من الركوع ، وعند قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : سمع الله لمن حمده ، وحينئذ لا يكون بينهما تعارض ، وهذا أولى من أن يقدرونها قصة واحدة ، ويتعسف إما في التأويل ، أو في الحمل على الرواة ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية