المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
990 [ 510 ] وعن رافع بن خديج قال : كنا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تنحر الجزور ، فتقسم عشر قسم ، ثم تطبخ ، فنأكل لحما نضيجا قبل مغيب الشمس .

رواه البخاري (2485)، ومسلم (625) (198) .


وقوله : " تلك صلاة المنافقين " إشارة إلى صلاة العصر المخرجة عن وقتها . ومعناه : أن الذي يخرجها عن وقتها يشبه فعله ذلك فعل المنافق الذي يتهاون بأمرها ، ويضيعها حتى يخرجها عن وقتها ; ولذلك وصفه بقوله : يجلس [ ص: 250 ] يرقب الشمس " ، وهذه عبارة عن عدم مبالاته بها وتضييعه لها ، حتى إذا رأى الشمس قد حان غروبها ، قام يصليها على ما ذكر رياء وتلبيسا . وقد تقدم القول على " قرني الشيطان " . وهذا الحديث يدل : على أن آخر وقت إباحة العصر : ما لم تصفر الشمس ، وما لم يصر ظل كل شيء مثليه على ما قدمناه .

وقوله : " كنا نصلي العصر ثم ننحر الجزور " الحديث . هذا وما قبله يدل : على فساد مذهب أبي حنيفة ; إذ قال : إن أول وقت العصر : إذا صار ظل كل شيء مثليه ; إذ لا يتسع الوقت على رأيه لمثل هذا الفعل ، ولا لأن يأتوا العوالي والشمس مرتفعة ، بل يتمكن من مثل هذا كله إذا صليت في أول المثل الثاني ، وكان النهار طويلا ، والله تعالى أعلم .

وقوله : " قام فنقرها أربعا " ; هذا النقر عبارة عن سرعة حركاته في أركان الصلاة في ركوعها وسجودها ، وخفة ذلك ، بحيث لا يتم ركوعها ولا سجودها ، فشبهه بنقر الطائر ، وهو ذم لمن فعل ذلك . وفيه رد على من قال : إن الواجب من [ ص: 251 ] أركان الصلاة ومن الفصل بين أركانها أقل ما ينطلق عليه الاسم ; لأن من اقتصر على ذلك صدق عليه : أنه نقر الصلاة ، فدخل في الذم المترتب على ذلك .

وقوله : " لا يذكر الله فيها إلا قليلا " ; أي : لسرعة حركاته فيها ، وليرائي بالقليل الذي يذكره عند تخيله من يلاحظه من الناس .

والجزور من الإبل ، والجزرة من غيرها : وهو ما يعد من ذلك للجزر ، وهو الشق والقطع . وتأخير عمر بن عبد العزيز الظهر كان على عادة بني أمية في تأخيرهم الصلوات ; كما قد أخر عمر العصر حين أنكر عليه عروة ، ويحتمل أن يكون ذلك التأخير منه نادرا لشغل شغله من أمور المسلمين ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية